عاد مانشستر يونايتد بفوز تاريخي من ملعب السان سيرو 3/2 ليحقق فوزه
الأول على الميلان في هذا الملعب ضمن مباريات دور الـ16 ليضمن حمل لقب
بطولة الموسم قبل الماضي ووصيف الموسم الماضي اقتطاع ورقة الترشح للدور
ربع النهائي مبكراً بشرط أن ينهي مباراة العودة إما فائزاً او متعادلاً
بأي نتيجة..وقاد الهداف
الإنجليزي "واين روني" مانشستر يونايتد لتحقيق هذا الفوز التاريخي بإحرازه
هدفين متتاليين في الشوط الثاني بعد انتهاء الشوط الأول بالتعادل الإيجابي
1/1 حين افتتح رونالدينهو التسجيل بتسديدة ضعيفة ارتطمت في مايكل كاريك
قبل ولوجها الشباك، وبنفس الطريقة وُفق مانشستر في إحراز هدف التعادل
بواسطة الخبير "بول سكولز" حيث ارتطمت الكرة بالصدفة في ساقه اليسرى أثناء
تسديده الكرة لتذهب في الزاوية البعيدة لديدا، وفي منتصف الشوط الثاني
أحرز روني هدفين ليضمن لفريقه الفوز الكاسح، إلا انه أهدر العديد من الفرص
السهلة التي كادت تكفل للشياطين الفوز بنتيجة تاريخية مُذهلــة.
وقام
مدرب الميلان "ليوناردو" بإجراء تغير تكتيكي بخروج بيكهام ونزول سيدورف ثم
نزول إنزاجي ليتغير أداء الميلان وتنشط الناحية الهجومية في الدقائق العشر
الأخيرة، ويستطيع سيدورف إعادة الأمور لنصابها بهدف رائع في الوقت القاتل
بتسديدة خبيثة بكعب القدم في الوقت خرج فيه رونالدينهو من غفوته وبات أخطر
عناصر الميلان.
الميلان يُهدر فوزاً في المتناول بالشوط الأول
دخل الميلان المباراة مُهاجماً
منذ البداية وأضاع لاعبوه العديد من الفرص السهلة أمام المرمى فضلاً عن
تألق الحارس الهولندي العملاق "إيدوين فاندر سار" في إزاحة التسديدات
الصعبة التي أرسلها رونالدينهو وبيرلو فيما بعد.
بداية المباراة
كانت أكثر من ممتازة للميلان بإحراز رونالدينهو هدف التقدم في الدقيقة
الثالثة من المباراة، بتسديدة من لمسة واحدة إثر تلقيه عرضية من "ديفيد
بيكهام" لتذهب تسديدته في الزاوية الضيقة لفاندر سار وقام الأخير بالقفز
صوبها لكن فجأة غيرت الكرة اتجاهها بإصطدامها "بمايكل كاريك" لتذهب عكس
الإتجاه وتهز الشباك معلنة عن تقدم الميلان في أحلى سيناريو وسط فرحة
عارمـة من الأنصار.
واصل الميلان تقدمه بطريقة هجومية بحته بتقدم
الثنائي "بونيرا وأنتونيني" من على طرفي الملعب مع مساعدات واضحة من
أمبروزيني وبيرلو، وكاد أنتونيني يُحرز الهدف الثاني في الدقيقة 29 بتوغل
ناجح منه داخل منطقة الجزاء لكن تسديدته اليمينية الأرضية ذهبت جوار
القائـم الأيمن لفاندر سار لتضيع فرصة حقيقية لإحراز الهدف الثاني.
وبدا
واضحاً إندفاع الميلان في هذه المباراة بصورة مفرطة للغاية ما سمح
لليونايتد للعب على المرتدة بإستخدام سرعة ناني وروني وهذا ما توقعناه في
تقديمنا للمباراة قبلها بـ24 ساعة بأن مانشستر سيلعب بنفس الطريقة التي
لعب بها مسبقاً ضد آرسنال على ملعب الإيماريتس وفاز 3/1.، ورغم ذلك بدأ
الميلان مهاجماً بإفراط وبإسهاب وبإطناب وزيادة عن اللزوم، حيث لعب
ليوناردو بطريقة 4- 1- 4-1، بحيث يتقدم بيكهام، رونالدينهو، أمبروزيني
وباتو في الثلث الأخير من الملعب ومن خلفهم يأتي "أنتونيني وبونيرا"
لمساندتهم الهجومية سواء بالتوغل الطولي أو العرضي، (الطولي أي تسلم الكرة
لإرسال عرضيات، العرضي باقتحام منطقة الجزاء) وهذه الخطة خلفت مساحات
واسعة في الخطوط الخلفية للميلان ما ترتب عليه كثرة عدد المرتدات
الإنجليزية التي لم يُحسن ناني إستغلالها أو بالأحرى تواجده كان مقتصراً
على ارهاق بعض عناصر الميلان قبل اللدغة الكبرى المتفق عليها فيما بعد في
الشوط الثاني.
وكان الميلان قريباً من إحراز أكثر من هدف في هذا
الشوط بالذات عن طريق الهولندي "هونتيلار" فقد تلقى تمريرة أرضية في عمق
الدفاع ليهرب من "فرديناند" (صورة طبق الأصل من طريقة مرور جيلاردينهو من
فيديتش عام 2007) ولكن هذه المرة لم تهتز شباك الشياطين وسدد هونتيلار
الكرة جوار القائم ونجا (فاندر سار) من إبن بلده في الفرصة الأولى، وكذلك
نجا منه في المرة الثانية بفضل يقظة (إيفرا) في الدقيقة 32.
بعد هذه الدقائق الصعبة المليئة
بالاستحواذ وبسط السيطرة من قبل الميلان، فرض فيرجسون إيقاع لعبه على
ليوناردو وبدأ يوزع لاعبيه على المناطق الحساسة في الملعب ويستغل تقدم
الأظهرة الدفاعية وعدم قدرة نيستا وسيلفا على تحمل الضغط المستمر من واين
روني.
فإستسلم الميلان لهذا النظام غير المتوقع، فقد كانوا
يعتقدون أنهم سيسقطون نفسياً بسبب الهدف المبكر والضغط المتواصل على
مرماهم، إلا أن نجوم الشياطين أثبتوا ثباتهم الإنفعالـي وبدأوا يمرروا
الكرة لبعضهم بعض بسهولة ويسر، وبعد 12 تمريرة دون أن يمسس أي لاعب من
الميلان الكرة استطاع مانشستر يونايتد إحراز هدف التعادل بعد أن مرر بارك
جي سونج الكرة للمتحرك في كل مكان في الملعب (فليتشر) لينطلق الأسكتلندي
ويمرر عرضية في ارتفاع قاتل لبول سكولز استقبلها بوجه قدمه اليمنى لكنها
مرت منه لترتطم بـ (قصبة القدم اليسرى الثابته) لتحول مسارها وتتجه نحو
أقصى الزاويـة اليمنى للحارس البرازيلي "نيلسون ديدا".
تغييران قلبا الموازين، الإكوادوري الطموح والهولندي الخبير
تواصل أداء مانشستر المتوازن في
الشوط الثاني بنفس الطريقة التي لعب بها منذ البداية بـ 4- 2- 1- 2-1،
ورمى فيرجسون مواطنه "فليتشر" على جهة اليسار لمساعدة باتريس إيفرا للتصدي
لمحاولات ديفيد بيكهام وباتو، وحول "بارك" من اليسار إلى اليمين لمساعدة
ناني الذي مال جهته سكولز طول الوقت وكان ذلك استغلالاً واضحاً من فيرجسون
لضعف الكثافة الدفاعية للميلان لعدم عودة رونالدينهو للخلف وقت شن
الشياطين لهجماتهم من تلك الجهة.
وفعل نـاني كل ما في وسعه لإظهار
أحقيته للتواجد في تشكيلة الفريق بالضغط على حائز الكرة في جهة اليمين
ليمنع فافالي من التقدم بداية الشوط، وأرسل النجم البرتغالي المتألق هذه
الأيام عرضية منضبطة في الدقيقة 47 لفليتشر المتوغل داخل صندوق العمليات
على الزاوية البعيدة ولكن رأسيته ذهبت جوار القائم ولم يحتسب الحكم ركلة
ركنية رغم اعتراضات نـانـي.
وقرر فيرجسون سحب ناني بعد أن لاحظ
تراجع عطائه في الدقائق التالية خاصةً عندما تقدم الكهل "فافالي" من
ناحيته في الدقيقة 49 ليُرسل عرضية نموذجية من على بُعد 45 ياردة
(تقريباً) داخل منطقة الشياطين، ويركض البرازيلي "باتو" ثم يرتقي ليقابلها
برأسه لكن تسديدته لم تكن بالدقة الكافية كي تعانق شباك فاندر سار، وتواصل
التراجع الملحوظ على أداء نانـي فيما بعد بفقدانه الكرة بسهولة في منطقة
الوسط وعدم قدرته على تنفيذ المرتدات بذلك الاحكام الذي ظهر عليه في
مباراة آرسنال قبل أسبوعين ونيف، ليكثف الميلان من هجماته في الدقيقة 53
بتسديدة قوية من "أندريه بيرلو" بوجه القدم إثر ركلة حرة مباشرة أبعدها
فاندر سار بأطراف أصابعه لركنية، وعاد باتو ليُهدد الشياطين من جديد
بمراوغات متتالية ثم تمريرة سحرية لرونالدينهو على حافة منطقة الجزاء
ليسددها من الوضع "واقفاً" بباطن القدم في الزاوية البعيدة، لكن فاندر سار
يُبعد الكرة من جديد.
وهنا اتضح أن فاندر سار بالفعل في السماء..
وديدا في الأرض، وهذا ما أشرنا له خلال تقديم المباراة بأن الفارق شاسـع
وكبير بين الحارسين، وظهر هذا الفرق على أرض الواقع، ديدا مهزوز دائماً،
وسوبر سار ثابت يقود فريقه ويعزز ثقتهم في أنفسهم بهذه التصديات المتوالية
ويثبط من روح نجوم الروسونيري.
تحرك فيرجسون كي لا يزيد الضغط
على حارسه وخط دفاعه وقام بتغيير ناني والزج باللاعب الإكوادوري (لويس
أنطونيو فالنسيا) الذي يشبه لحدٍ كبير "ناني" سواء في سرعة الإنطلاق
بالكرة أو التمرير العرضي والمراوغات والتحرك بدون كرة، في الدقيقة 64،
ومع أول لمسة لفالنسيا القادم من ويجان الصيف الماضي يُمرر عرضية رهيبة
أزعجت ديدا وأجبرته على أن لا يخرج من مرماه لتذهب على الزاوية البعيدة
المتواجد فيها هذه المرة "واين روني" والذي قفز بكل ما لديه من قوة ليضع
الكرة في أقصى يسار ديدا ليشاهدها مثلما شاهدها كل متابعي المباراة في
الدقيقة 66.
ومنح هذا التغيير المزيد من الحريـة لواين روني
وبارك جي سونج ليتحركا في منطقة العمق حيث قام الثنائي بالتوغل من العمق
قبل إحراز الهدف الثاني في الدقيقة 63 وسدد روني في نفس زاوية ديدا كرة
سهلة.
سيطر مانشستر بعد تقدمه على المباراة بطولها وعرضها، بفضل
نشاط فالنسيا وحيوية روني الذي كان يميل ناحية اليسار لمساندة فليتشر
وإيفرا، وفي الدقيقة 73 مّررت الكرة بين أغلب عناصر الفريق لتصل لروني
الذي سدد صاروخ أرضي مَر بياردة واحدة فقط حوار القائم الأيمن، وما هي سوى
دقيقة ويستطيع واين روني إضافة الهدف الثالث بعد تلقيه تمريرة عرضية متقنة
من فليتشر - النجم التكتيكي الأول في هذه المباراة- ليهرب روني ويرتقي
للكرة ويسددها برأسه في الزاوية البعيدة لديدا ملعناً عن دخوله تاريخ
مواجهات الفريقين كأكثر لاعب يُحرز أهدافاً في مرمى الميلان من إنجلترا،
فهذا هو هدفه الرابع ليتفوق على كاكا وكريسبو اللذين أحرزا هدفين فقط.
خمد
الملعب قليلاً .. وظلت سيطرة مانشستر قائمة، ليبدأ ليوناردو في تغيير
تكتيكه لكن بشكل متأخر حيث نزل سيدورف وقت إحراز روني الهدف الثالث،
واستهلك الكثير من الوقت حتى وجد ضالته مع البديل الأخر "فليبو إنزاجي".
وفي
الدقيقة 84 بدأ طوفان الميلان رغم أن جماهيره بدأت تُغادر المدرجات، فقد
أحرز الهولندي "سيدورف" الهدف الثاني لفريقه بكعب القدم بعدما تلقى تمريرة
أرضية سحرية من رونالدينهو الذي تألق فقط في الشق الهجومي ولم يظهر نجاعته
الدفاعية وقت شن اليونايتد لهجماته من جهة اليمين.
على أي حال جاء
هذا الهدف ليرد به سيدورف على ليوناردو بأنه أخطاء عندما وضعه على دكة
البدلاء وأشرك بدلاً منه ديفيد بيكهام عديم الخطورة في هذه المباراة والذي
كشفه فيرجسون برمي إيفرا وفليتشر عليه طيلة الوقت إضافة لمساعدات من روني
وكاريك لغلق كافة المساحات عليه ومنعه من ارسال أية عرضيات.
وفي
الدقيقة التالية "86" تقدم رونالدينهو وواصل إبداعه بتمريرة رائعة
لإنزاجـي في العمق الدفاعي لكن السوبر بيبو أطاح بهدف التعادل أدراج
الرياح، وعاد رونالدينهو في الدقيقة 90 ليُمرر كرة جميلة لأمبروزيني داخل
منطقة الجزاء لكن النجم الإيطالي فشل في تسديدها نظراً للتكتل الدفاعي،
لتخرج ركنية، وفي نفس الدقيقة يفشل نيستا في التعامل مع الركنية لتدخل
تياجو معه في لعب الكرة العرضية بالرأس لتضيع فرصة حقيقية للتعادل.
هكذا كان سيناريو المباراة تكتيكياً وفنياً.
فما هو تحليلك؟