هل السواك عند الصلاة سنة أو واجب؟
تمهيد:
يستحب
السواك في مواضع ثلاثة: عند الصلاة. وعند القيام من النوم. وعند تغير
رائحة الفم بمأكول أو غيره؛ لأن السواك مشروع لإزالة رائحته وتطييبه.

- فعن أبي بكر الصديق عن النبي أنه قال: «السواك مطهرة للفم مرضاة للرب».([1])
- وعن عائشة، - رضي الله عنها - قالت: «كان النبي إذا دخل بيته بدأ بالسواك». ([2])
- وروي عن النبي أنه قال: «إني لأستاك، حتى لقد خشيت أن أحفي مقادم فمي». ([3])
- وروى حذيفة، قال: كان رسول الله :«إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك». ([4])يعني: يغسله، يقال: شاصه، يشوصه، وماصه: إذا غسله، وعن عائشة، - رضي الله عنها - قالت: «كان رسول الله لا يرقد من ليل أو نهار فيستيقظ إلا تسوك قبل أن يتوضأ». ([5])ولأنه إذا نام ينطبق فوه فتتغير رائحته.
الاستياك لغة :
مصدر استاك . واستاك : نظف فمه وأسنانه بالسواك ، ومثله تسوك .
ويقال : ساك فمه بالعود يسوكه سوكاً إذا دلكه به.
السواك يجيء بمعنى الشجرة التي يستاك بها، وبمعنى المصدر وهو المراد ههنا. ([6])
ولفظ السواك يطلق ويراد به الفعل ، ويطلق ويراد به العود الذي يستاك به ، ويسمى أيضاً المسواك . ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن ذلك.([7])
واصطلاحاً:
عرفه النووي بأنه: استعمال عود أو نحوه في الأسنان لإزالة الوسخ.([8])


تحرير محل النـزاع

محل الخلاف

اختلف الفقهاء في السواك هل هو سنة عند الصلاة أم واجب وذلك على قولين كالأتي:
الأقوال

القول الأول
:السواك سنة غير واجب ، يستحب عند كل صلاةفرضها ونفلها، وإلى هذا ذهب أكثر أهل العلم،الحنفية ([10])،والمالكية ([11])،والشافعية ([12])،والحنابلة ([13])، وابن حزم. ([14])
القول الثاني
:السواك عند الصلاة واجب، وإلى هذا ذهب إسحاق، وداود الظاهري. ([15])
الأدلة


استدل أصحاب القول الأول القائلون بأن السواك عند الصلاة سنة بالآتي:

قول النبي : «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة». ([16])
وجه الدلالة

أن المشقة إنما تلحق بالإيجاب لا بالندب، وهذا يدل على أن الأمر في الحديث أمر ندب واستحباب.
واستدل أصحاب القول الثاني القائلون بوجوب السواك بالآتي:

روى أبو داود بإسناده، «أن النبي أمر بالوضوء عند كل صلاة طاهر أو غير طاهر، فلما شق ذلك عليه أمر بالسواك عند كل صلاة».
وجه الدلالة

فدل هذا الحديث على أن السواك مأمور به، والأمر يقتضي الوجوب.
ونوقش

1- قول النبي : «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة». ([17]) يعني لأمرتهم أمر إيجاب.
2- يحتمل أن يكون ذلك واجباً في حق النبي على الخصوص، جمعاً بين الخبرين.
القول الراجح

الذي
يظهر لي هو رجحان القول الأول، الذي يقضي بأن السواك عن الصلاة سنة غير
واجب، وهو ما ذهب إليه أكثر أهل العلم، وذلك لرجحان أدلته وقوتها.

ـــــــــــــــ
([1])
صحيح : رواه أحمد في مسنده: 6/47، 62، 124، 146، 238، والشافعي في الأم:
1/20، والنسائي: الطهارة، باب الترغيب في السواك، ح 5، وابن حبان: 2/201
حديث: 1064، والبيهقي: 1/34، وعلقه البخاري في صحيحه: 4/187 مجزوماً به
راجع: تلخيص الحبير: 1/99 ح 63، إِرواء الغليل: 1/105، نيل الأوطار: 1/125.
([2]) رواه مسلم.
([3])رواه ابن ماجه.
([4])متفق عليه.
([5]) رواه أبو داود.
([6])راجع: أنيس الفقهاء في تعريفات الألفاظ المتداولة بين الفقهاء ص7.
([7])راجع: الموسوعة الفقهية مادة (استياك).4/137.
([8])راجع: تحرير ألفاظ التنبيه ص33.
([9]) راجع :حاشية ابن عابدين 1 / 105 ، حاشية الطحطاوي على الدر 1 / 69 ،الشرح الصغير 1 / 126 ، تحفة المحتاج مع حاشية الشرواني 1 / 226 ، المجموع 1 / 274، المغني لابن قدامة 1/71.
([10]) راجع : حاشية رد المحتار 1 / 105 ، حاشية الطحطاوي على الدر 1 / 69
([11]) راجع : الشرح الصغير 1 / 126 ،
([12]) راجع : تحفة المحتاج مع حاشية الشرواني 1 / 226 ، المجموع 1 / 274
([13]) راجع : المغني لابن قدامة 1/71.
([14]) قال مسألة: السواك مستحب، ولو أمكن لكل صلاة لكان أفضل، راجع : المحلى بالآثار لابن حزم 1/ 423.
([15]) راجع : المغني لابن قدامة 1/71.
([16])
متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. (البخاري: الجمعة، باب السواك
يوم الجمعة، ح 887 والتمني، باب ما يجوز من الَّلوِّ، ح 7240، مسلم:
الطهارة، باب السواك، ح 252) . وفي رواية لمالك، ولأحمد (واللفظ له) :
"لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء" (الموطأ: 1/66 ح115، وأحمد: 2/256، والبيهقي:
1/35) .
([17]) متفق عليه.