اعلم أن هناك أسباباً ترفع ضعف الإيمان، ذكرها أهل العلم،و مئات الأسئلة من الشباب، كلٌ يشكو ضعف إيمانه, وجمود عينه, وقسوة قلبه, وأنا من ذلك الصنف, نشكو حالنا إلى الله، ولعل الله -سُبحَانَهُ وَتَعَالَى- أن ينظر لنا في هذا الجمع المبارك بنظرة رحمة فيقول لنا: انصرفوا مغفوراً لكم فقد رضيت عنكم وأرضيتموني:
إن الملوك إذا شابت عبيدهم في رقهم عتقوهم عتق أبرارِ |
وأنت يا خالقي أولى بذا كرماً قد شبت في الرق فاعتقني من النار |
السبب الأول في زيادة الإيمان: أن تناجي ربك -سُبحَانَهُ وَتَعَالَى- وأن تكثر من دعائه ورجائه وتذكره كثيراً. السبب الثاني: أن تتدبر كتابه, فلا يلم شعث القلب إلا كتاب الله -عز وجل- ووجد أن كثيراً من الشباب تشاغلوا حتى بالعلم الشرعي عن قراءة القرآن, فتجد أحدهم في المسائل وفي الترجيحات والتنقيحات والتحقيقات وتخريج الأحاديث -وهو في طاعة ولكنه- تشاغل عن القرآن حتى قسا قلبه، فكيف بمن قسا قلبه بالمعاصي والمخالفات والجلوس مع البطالين؟! ومنها وهو من أعظمها: أن تحافظ على الفرائض جماعة، فإن الله ضمن لمن حافظ على الفرائض جماعة ألا يخذله ولا يذله، وأن يحفظه في الدنيا والآخرة. ومنها: أن تحافظ على السنن الرواتب, وأن تكثر منها, فإنك كلما سجدت لله سجدة رفعك بها درجة. ومنها: أن تصاحب الصالحين وأن تحبهم {المرء يحشر مع من أحب } وقال -عليه الصلاة والسلام- كما في الحديث الصحيح: {والمرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل } رواه مسلم وغيره، وقال عليه الصلاة والسلام كما عند الترمذي : {لا تصاحب إلا مؤمناً, ولا يأكل طعامك إلا تقي } وأرى لزاماً على الشباب أن يجددوا إيمانهم بحضور الندوات والمحاضرات والدروس, وألا يقولوا: الملقي أقل منا علماً, فإن الله قد يكسبك بالحضور أموراً لا تحصل عليها في غير هذا المكان، منها: أن يذكرك الله في الملأ الأعلى. ومنها: أن الملائكة تحفك بأجنحتها. ومنها: أن السكينة تتنزل عليك. ومنها: أن الرحمة تغشاك. هذه بعض الأمور التي ترفع من درجة الإيمان، وزاد النووي وغيره أموراً: منها: المراقبة؛ أن تعلم أن الله معك: أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الملك:14] وأنه يعلم سرك وعلانيتك، قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [المجادلة:7]. يا شباب الإسلام! يا فتية محمد عليه الصلاة والسلام! يا رواد الحق! إنه ينقصنا في عالم الإيمان مسائل. ينقصنا محاسبة النفس كما كان يفعل السلف ، كانوا يحاسبون أنفسهم عند النوم محاسبة عظيمة ماذا قدمنا من الخير، وماذا فعلنا من الشر. ينقصنا أيضاً: استرشاد أهل العلم والدعاة وطلبة العلم, وطلب النصح منهم. وينقصنا أيضاًً: زيارة المقابر، حتى ألهينا وشغلنا بالحياة الدنيا. وينقصنا قراءة تراجم السلف , التراجم الحية المتمثلة في سيرة الصحابة والتابعين, والأئمة كـأحمد , والشافعي ومالك والثوري والأوزاعي ، وغيرهم كثير. أيضاً ينقصنا الدعاء والمناجاة في الثلث الأخير من الليل، والجلسات الروحية بعد الشمس إلى طلوع الفجر وقبل الغروب: فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ * وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ [الروم:16-17]. |