AFP
– عادة ما يتجنب الناس لسعات النحل المؤلمة لكن في غزة يتهافت مئات المرضى للحصول عليها من يد المهندس الزراعي راتب سمور الذي يدير العيادة الاولى والوحيدة في قطاع غزة للتداوي بـ “سم النحل” التي ازدهر الاقبال عليها خصوصا منذ الحصار الاسرائيلي.
ويتنقل المهندس راتب من مريض الى اخر داخل عيادته المزدحمة بعشرات المرضى حاملا صندوق صغير يحتوي على عشرات النحل ليوجه لكل مريض عدد من اللسعات في موطن الالم.
ويقول الشاب محمد الداية (25 عاما) الذي اصيب بشلل في اطرافه السفلية منذ ثلاثة اعوام “كنت اتعالج بصفة دورية في مصر من ضمور العضلات الذي اصابني منذ عشرة اعوام لكن لم استطع السفر لاستكمال علاجي بعد الحصار فتدهورت حالتي وفقدت القدرة على الحركة في الجزء السفلي”.
ويتابع بحسرة وهو يجلس على كرسيه المتحرك “لو تمكنت من السفر لما أصبحت مقعدا الان ،سيكون علاجي اصعب بعد ان فقدت الحركة”.
ولا يملك مرضى قطاع غزة اي خيارات للعلاج في الخارج بعد ان فرضت اسرائيل حصارا على القطاع منذ اكثر من ثلاثة اعوام ما أدى الى تدهور القطاع الصحي ونقص في العقاقير الطبية بحسب وزارة الصحة.
ويشيد الشاب النحيل بالعلاج بلسع النحل ويقول انه “ممتاز جدا فقد خلصني من الالام التي كانت تحرمني النوم هذا العلاج جعل حالتي تستقر ولم تعد تتدهور الى الأسوأ الى حين ان اتمكن من السفر”. لكنه لا يتوقع ان يعيده هذا العلاج للمشي ثانية.
ويقر راتب سمور الذي أنهى دارسته من جامعة الزقازيق في مصر “لن اتمكن من جعله يمشي ثانية فعلاجي له يرتكز بشكل اساسي على تخفيف آلامه و منع حالته من التدهور اكثر وهذا بحد ذاته تقدم في نظر الطب”.
ويشرح سمور عن بدايته بالعلاج بسم النحل “افتتحت هذا المركز في العام 2003 وبدأت أعالج المرضى بعد نجاحي في تطبيق ما درسته في الجامعة خصوصا في مادة علم الحشرات والنحل على اهلي ا واصدقائي”.
ويتابع “لم اكن اتلقى مقابلا ماديا من المرضى كما ان العلاج بسم النحل لم يلق اقبالا كما هو الحال في الوقت الراهن”. ولا يخفي المعالج انه لا يمتلك “تصريحا من وزارة الصحة”.
ويضيف وهو منشغل بانتقاء مجموعة من النحل من بين عشرات الخلايا المنتشرة في حديقة منزله الخلفية “ازداد الاقبال علي بعد ان حققت نتائج مبهرة بالعلاج بالنحل لعدد كبير من المرضى وزاد الاقبال اكثر بعد الحصار الاسرائيلي”.
ويباشر سمور علاج مئات المرضى من الرجال والنساء والاطفال ثلاثة ايام في الاسبوع مع ثلاثة من ابنائه قام بتعليمهم طريقة العلاج ويتلقى سمور عشرة شيكل (دولارين ونص) من كل مريض مقابل كل ثلاث زيارات.
ولجا اسماعيل مطر (23 عاما) هو الاخر لهذا العلاج للتخفيف من اعراض صدمة عصبية تعرض لها في الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة ويقول “تمزق جسد صديقي امامي بشظايا صاروخ اسرائيلي اطلقته الطائرات الحربية بينما كنا في طريق عودتنا الى المنزل في بيت لاهيا اثناء الحرب”.
وشنت اسرائيل هجوما على قطاع غزة في 18 كانون الثاني/يناير استمر 22 يوما واسفر عن مقتل اكثر من 1400 فلسطيني، حسب ارقام فلسطينية.
ويتابع “اصبت بصدمة نفسية حادة فلم أقوى على الحركة وكنت بالكاد أرى ولم تنفعني الادوية لكن الان بعد سبعة شهور من العلاج بسم النحل انا افضل حالا بكثير فعدت اتحرك وامارس حياتي بشكل طبيعي لكني لم استعد بصري تماما لكنه في تحسن”.
ويفخر سمور بانجازاته الا انه يقر بانه لا يستطيع ان يضع سقفا لهذه الانجازات موضحا “لا يوجد تفسير علمي واضح لما يقوم به النحل وان كان يحتوي على مركبات تعادل اضعاف المركبات المستخدمة في العقاقير الطبية “.
ويضيف الرجل (53 عاما) “على سبيل المثال سم النحل يحتوي على مادة الميلودين وهي تعادل مئة اضعاف مادة الكورتزون التي يطلق عليها اسم العلاج السحري، كذلك يحتوي على مادة أدولابين وهي تعادل عشرة اضعاف للمورفين الذي يستخدم في تسكين الالام”.
لكنه يشدد على ان “العلاج بسم النحل هو طريقة مكملة للطب فانا لا اقوم بتشخيص المرض بل اعتمد كليا على رأي الطبيب المعالج”. ويرفض سمور علاج مرضى القلب والسكري والسرطان.
اما نيفين عجور (32 عاما) والتي تعاني من التهاب المفاصل فتشعر بفخر وسعادة للنتيجة التي منحها اياها “لسع النحل.. اعاني من +الروماتويد+ (التهاب المفاصل) منذ خمسة اعوام ولم تفدني المسكنات فليس هناك علاج لهذا المرض في غزة”.
وتضيف وهي تتلقى لسعة في معصمها “لم اكن استطيع صعود الدرج اطلاقا قبل ان آتي الى هذه العيادة لكنني الان بعد خمسة شهور من العلاج اصعد الدرج اكثر من ستة مرات في اليوم”.
وتتابع نيفين الام لستة اطفال “فترة العلاج سنة كما اخبرني الدكتور وانا واثقة من النتيجة لان ابنة خالي كانت تعاني نفس المشكلة وشفيت تماما بعد تابعت علاجها هنا لقرابة العام”.
الطفل محمد بارود (عشرة اعوام) لم يبد خوفا وهو يتلقي عدة لسعات اسفل أذنه التي كان يضع عليها سماعة طبية وقال “اعتدت الامر لم اعد اخاف سمعي يتحسن كل اسبوع ساواصل المجئ هنا حتى اتمكن من خلع السماعة الطبية التي قال لي الاطباء اني سارتديها طيلة حياتي”.