دراما اللحظات الأخيرة بطلها بيرلسكوني .. وتكهنات بانتقال كاكا إلى الريال في صيف 2009
جاء بقاء النجم البرازيلي كاكا مع ناديه ميلان ليضع حداً لقصة شغلت العالم بأسره على مدى أسبوع كامل، انتصرت في نهايتها »الرومانسية« على »المال« بعدما استمع كاكا إلى نداء القلب فرفض ملايين النادي الإنكليزي ووقع »عقد« محبة أبدية مع ناديه ميلان على الرغم من أن كافة المؤشرات كانت تقود إلى انتقال حتمي لدرجة أن البعض وصف إمكانية بقاء النجم البرازيلي كاكا مع الروزينيري بـ»المعجزة«..
قد لا تبدو تفاصيل ما حدث في الساعات الأخيرة مهمة بالنسبة للكثيرين ولاسيما عشاق وأنصار نادي ميلان، طالما أن الصفحة قد طويت وأن كاكا باقٍ مع الفريق.. لكن التعمق في هذه التفاصيل قد يعطينا فكرة أوضح عن مستقبل بدأت الصحف الإسبانية ترسم خطوطه الأولى منذ الآن..
ما الذي جرى في أمسية »الاثنين« الطويلة؟! وكيف انهارت المفاوضات بين الطرفين الإيطالي والإنكليزي؟! ومن هو الذي لعب دور البطولة في هذه الأحداث: الرئيس سيلفيو برلسكوني أم كاكا أم النادي الإنكليزي الذي أعلن أنه هو من انسحب من المفاوضات وأوقف إتمام الصفقة؟! وهل صحيح أن ما حدث كان مجرد »بروباغاندا« إعلامية تهدف للتمهيد إلى خروج كاكا من قلعة »الميلانيللو« في الصيف القادم إلى نادي ريال مدريد؟!
ما الذي جرى بالضبط؟!
بعد كابوس عاشته جماهير ميلان لبضعة أيام.. انتهى كل شيء في غضون ثوان.. مكالمة هاتفية من رئيس النادي سليفيو برلسكوني إلى أحد البرامج الشهيرة في أمسية الاثنين الماضي كانت كافية لوضع حدٍ لما بدا أنه مسرحية أعدّها وأخرجها برلسكوني نفسه حيث قال: »كاكا ليس للبيع.. إنه لن يغادر ميلان.. هناك أمور أهم من المال وكاكا بالنسبة لنا لا يقدر بالمال.. لقد تركنا للاعب فرصة اتخاذ القرار فاختار البقاء ونحن سعداء بذلك.. إنه لاعب أعلى من أي تقييم«..
المثير في الأمر هو أن برلسكوني نفسه كـــــان قد اعترف قبل بضعة أيام أنه لا يستطيع منع كاكا من المغادرة نظراً لقيمة العقد التي تعتبر فرصة للاعب وللفريق..
ولعل تصريح نائب الرئيس أدريانو غالياني عقب إعلان بقاء كاكا يؤكد أن برلسكوني كان مستعداً لبيع النجم البرازيلي حيث قال: »على الجماهير أن تشكر الرئيس برلسكوني على جهده الكبير لإبقاء كاكا.. لقد ضحى بمبلغ مالي كبير وصفقة قياسية من أجل الميلان.. إنه عاشق لألوان الفريق وقد كان قوياً في مواجهة عرض قياسي للتخلي عن كاكا«..
أمام هذه المعطيات يطرح التساؤل التالي: »إذا كان ميلان مستعداً فعلاً لبيع كاكا رغم رفض الأخير، فما الذي تبدَّل في اللحظات الأخيرة التي سبقت الإعلان عن انهيار المفاوضات«؟!
قد يبدو مثيراً للدهشة أن تخرج قناة »سكاي« الإيطالية قبل دقائق من اتصال برلسكوني بخبر يقول: »الصفقة ستتم في غضون 60 دقيقة ما لم يحدث تطور خطير، كأن يخرج الرئيس سيلفيو برلسكوني إلى الملأ ويوقف المفاوضات«..
هل كان إعلان القناة التي لا تنتمي إلى امبراطورية برلسكوني الإعلامية مجرد صدفة أو تكهن أم أن معلومات قد تم تسريبها لإظهار رئيس الوزراء الإيطالي بصورة البطل الذي يحقق آمال الجماهير ومطالبهم..
وإذا كان الأمر قد ترك لكاكا فعلاً، كما قال برلسكوني، فلماذا لم يتم رفض المفاوضات واستقبال مسؤولي نادي مانشستر سيتي وخاصة أن كاكا أعلنها ومنذ البداية بأنه يرفض الانتقال من ميلان..
من الواضح أن برلسكوني أراد لعب دور البطولة وتلميع الصورة التي »اسودَّت« قليلاً في أعقاب التصريحات التي سبقت مباراة ميلان مع فيورنتينا والتي انتهت بمشهد درامي حزين أكد خروج كاكا..
بالمقابل فإن نادي مانشستر سيتي لم يشأ بدوره أن يظهر بمظهر »الفاشل« أمام جماهيره ولاعبيه »وعلى رأسهم روبينيو« فأعلن بدوره أنه هو من أوقف المحادثات مع مسؤولي النادي الإيطالي لأنه لم يجد الأرضية المشتركة لإتمام المفاوضات، مؤكداً في الوقت ذاته مضي النادي في مشروع بناء فريق كبير من خلال التعاقد مع أفضل لاعبي العالم..
كاكا استمع لنداء القلب
بعد إعلان برلسكوني للنبأ السعيد.. ظهر النجم البرازيلي كاكا من شرفة منزله ليحيي المشجعين الذين تحدوا برودة الطقس والأمطار ليهتفوا له في محاولة أخيرة ويائسة لثنيه عن أي قرار يتعلق بالمغادرة .. ورفع كاكا قميص ميلان عالياً ليؤكد بقاءه مع الفريق.. قبل أن يتحدث لقناة ميلان قائلاً: »لا أريد أي شيء فأنا موجود في المكان الذي أجد به كل حب وتقدير وأريد أن أبقى هنا طوال حياتي.. أنا من اتخذ القرار وعائلتي تركت لي حرية اتخاذه.. لم أتشاجر مع أبي أبداً وقد اخترت البقاء بقلبي كما طلب مني جميعكم.. قلت دائماً وسأكرر إني لا أرغب بالرحيل عن الميلان طالما أننا نتشارك في الأهداف ذاتها، إلا إذا رغبوا هم بذلك«.
وأبدى كاكا إعجابه وتقديره للمشاعر التي أظهرها المشجعون في مباراة فيورنتينا والتي كان لها تأثير كبير في قراره وقال: »بعد المباراة وجدت دعماً وحباً من الجميع بما في ذلك الأطفال برسوماتهم على القمصان واللافتات الرائعة.. أنا مؤمن بالله ومن المنطقي أن الله يختار لنا وقد اختار لي البقاء مع ميلان.. ساندني زملائي كثيراً وأرسلوا لي النصح وتمنوا التوفيق لي.. من هذه القصة رأيت مدى حبي لهذه المدينة«..
مسلسل جديد في ريال مدريد
ما إن انتشر خبر انهيار المفاوضات بين ميلان ومانشستر سيتي، وبقاء كاكا في ناديه الروزينيري، حتى فجَّرت الصحيفتان المدريديتان »ماركا وآس« مفاجأة من العيار الثقيل تمثلت بإعلان رغبة كاكا في الانتقال إلى ريال مدريد الصيف المقبل.. والمثير في الأمر أن ما نشرته الصحيفتان لم يكن مجرد تقارير وتكهنات أو ترويجاً لحملة المرشح المرتقب للرئاسة فلورنتينو بيريز، حيث أوردت »آس« تصريحاً للنجم الإنكليزي ديفيد بيكهام يقول فيه: »كاكا يريد الذهاب إلى ريال مدريد وليس إلى مانشستر سيتي.. لقد طلب مني بعض المعلومات عن الريال وأعتقد أنه سيلعب في مدريد خلال الموسم المقبل«.
أما صحيفة »ماركا« فقد نقلت على لسان المدرب كارلو أنشيلوتي قوله: »تكلمت كثيراً مع كاكا في الساعات الأخيرة وقد قال لي إنه إذا توجب عليه أن ينتقل من ميلان فهو يفضل ريال مدريد«..
أياً كان الأمر فإننا »على ما يبدو« أمام مسلسل مدريدي طويل جديد شبيه بذلك الذي عشناه في الصيف الفائت مع نجم مانشستر يونايتد كريستيانو رونالدو، وإلى أن تنجز الانتخابات الرئاسية في النادي الملكي فإن كل شيء سيبقى مجرد حبر على ورق وخاصة أن كاكا مرتبط بعقد مع ميلان حتى العام »2013«.
دروس مستخلصة
بعد كل ما حصل..ما الذي يمكن استخلاصه من حكاية »كاكا.. مانشستر سيتي«؟!
بادئ ذي بدء يمكن القول إن الدوري الإيطالي وبعد سنوات من الفضيحة التي هزت عرشه تمكن أخيراً من كسب نقطة في معركته ضد أموال الدوري الإنكليزي وسحر وجاذبية الدوري الإسباني.. فبقاء كاكا »أفضل لاعب في العالم لسنة 2007« في ميلان ورفضه لإغراء المال هو كبقاء ميسي في برشلونة وكريستيانو رونالدو في مانشستر يونايتد..
كما أن بقاء كاكا في ميلان هو انتصار لجماهير الفريق الذي ناضلت وكافحت للتأثير على النجم البرازيلي ومسؤولي النادي لمنع إتمام الصفقة.. وهو انتصار لكرة القدم الجميلة التي ترفض التحول إلى عالم البزنس الخالي من المشاعر والقيم والذي لا يعترف إلا بلغة المال كلغة للحوار والتعامل.. لكن ما حصل في الأيام القليلة الماضية أكد بما لا يدع مجالاً للشك أنه لا يوجد لاعب في العالم ليس للبيع، ولكن لكل لاعب ثمنه وقيمته الحقيقية.. ومجرد قبول إدارة ميلان الاستماع للعرض المقدم من نظيرتها في مانشستر سيتي فإن هذا يمهد بشكل أو بآخر لإمكانية بيع كاكا أو أي نجم آخر في المستقبل إذا ما جاء العرض المناسب من النادي المناسب..
كيف استقبلت الصحافة العالمية خبر بقاء كاكا في ميلان؟!
لأن الحدث لم يكن عادياً سواء من حيث قيمة العرض أو توقيته أو اسم النجم المتداول فيه، فقد احتل خبر انهيار المفاوضات بين ناديي مانشستر سيتي وميلان الصفحات الأولى لأغلب صحف أوروبا والعالم في اليوم التالي.. وهاكم أبرز المانشيتات التي تصدرت أغلفة هذه الصحف:
؟ »صن« البريطانية: »كاكا يطعن المان سيتي.. النجم البرازيلي ترك مسؤولي السيتيزنز مذهولين بعد رفضه العرض الخيالي«.
؟ »ديلي ميرور« البريطانية: »مانشستر سيتي يفشل في التعاقد مع كاكا.. برلسكوني يدخل بمكالمة هاتفية في أحد البرامج ويقول: »أريده في سان سيرو«.
؟ »ديلي ميل« البريطانية: »كاكا.. يرمي العقد من النافذة«!
؟ »ريبوبليكا« الإيطالية: »كاكا باقٍ في ميلان والمال ليس كل شيء«.
؟ »غلوبو سبورت« البرازيلية: »كاكا.. ميلان هو بيتي«.
؟ »فرانس فوتبول« الفرنسية: »كاكا لايزال في ميلان«.
؟ »غازيتا ديللو سبورت« الإيطالية: »برلسكوني يعلنها: كاكا سيبقى«.
؟ »تايمز« البريطانية: »أغنى نوادي كرة القدم يُذَل.. قَدَّم 100 مليون جنيه استرليني لكنه فشل بالتوقيع مع كاكا«.
؟ »ماركا« الإسبانية: »كاكا يفضل القلب على المال وسيبقى في ميلان.. لكنه ينتظر دعوة من ريال مدريد«.
؟ »آس« الإسبانية: »كاكا يفضل ريال مدريد على مانشستر سيتي«.