منتدى الأصدقاء
تفسير سورة النور  الكلام على غض البصر والحجاب Eniie110
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا تفسير سورة النور  الكلام على غض البصر والحجاب Eniie110
ادارة المنتدي تفسير سورة النور  الكلام على غض البصر والحجاب Eniie110
منتدى الأصدقاء
تفسير سورة النور  الكلام على غض البصر والحجاب Eniie110
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا تفسير سورة النور  الكلام على غض البصر والحجاب Eniie110
ادارة المنتدي تفسير سورة النور  الكلام على غض البصر والحجاب Eniie110
منتدى الأصدقاء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى الأصدقاء

منتدى شبابي منوع هادف (ثقافي - علمي - اسلامي -رياضي ) يضم أحلى الأصدقاء و يهتم بشؤون الشباب بكل المجالات
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لا إلهَ إلاّ اللّهُ وحْـدَهُ لا شَـريكَ لهُ، لهُ المُـلْكُ ولهُ الحَمْـد، وهُوَ على كُلّ شَيءٍ قَدير . سُبْحـانَ اللهِ وَبِحَمْـدِهِ عَدَدَ خَلْـقِه ، وَرِضـا نَفْسِـه ، وَزِنَـةَ عَـرْشِـه ، وَمِـدادَ كَلِمـاتِـه . الْلَّهُمَّ لَاتَجْعَلْ مُصِيْبَتِيْ فِىْ دِيْنِيْ .. وَلَاتَجْعَلْ الْدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّيْ !

 

 تفسير سورة النور الكلام على غض البصر والحجاب

اذهب الى الأسفل 
4 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
fareslove
المدير العام
المدير العام
fareslove


اللقب : أبو برهان
ذكر المشاركات : 22454
العمر : 39
الإقامة : منتدى الأصدقاء
نقاط التقييم : 458
نقاط‎ ‎‏التميز : 2620

تفسير سورة النور  الكلام على غض البصر والحجاب Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة النور الكلام على غض البصر والحجاب   تفسير سورة النور  الكلام على غض البصر والحجاب Emptyالخميس 10 نوفمبر - 6:15


تفسير القرطبي



تفسير سورة النور



الكلام على غض البصر والحجاب


الشيخ / عبد الكريم الخضير






الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين:

قال القرطبي -رحمه الله تعالى-:
قوله تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ
أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ
خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}
[(30) سورة
النــور]
.
فيه سبع مسائل:
الأولى: قوله تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ
أَبْصَارِهِمْ}
وصل تعالى بذكر الستر ما يتعلق به من أمر النظر، يقال: غض
بصره يغضه غضاً، قال الشاعر:


فغض الطرف إنك من نمير *** فلا كعباً بلغت ولا كلابا




وقال عنترة:




وأغض طرفي ما بدت لي جارتي *** حتى يواري جارتي مأواها



ولم يذكر الله تعالى ما يغض البصر عنه، ويحفظ الفرج غير أن ذلك معلوم بالعادة، وأن
المراد منه المُحرم دون المحلل..
يعني كل ما يحرم النظر إليه يغض منه البصر، ويستوي في ذلك بالنسبة للرجال النظر إلى
النساء على حقيقتهن، أو في صورهن الثابتة والمتحركة، كل هذا يغض عنه البصر، يجب غض
البصر عنه.
وفي البخاري: وقال سعيد بن أبي الحسن للحسن: إن نساء العجم يكشفن صدورهن
ورؤوسهن، قال: اصرف بصرك، يقول الله تعالى: {قُل
لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ}



[(30) سورة النــور].
نعم، هذا يطالب به المكلف، وليس معنى هذا أن يقرّ أولئك النسوة اللاتي يكشفهن عن
رؤوسهن وصدروهن، لكن لكلٍ ما يخصه من الخطاب، فالرجل عليه أن يغض البصر، والمرأة
عليها أن تستتر، وولي الأمر أن يأطر الناس على الحق، لا يترك النساء يتبرجن تبرج
الجاهلية الأولى ثم إذا تكلم أحد من الغيورين، قيل له: غض بصرك، هو مطالب بهذا بلا
شك، لكن المرأة مطالبة بالستر، ولا يجوز لها أن تتبرج، وإذا تبرجت جاز لعنها على
الجملة، فالأمر ليس مطالب به جهة واحدة، فلكلٍ من الجهات ما يخصه من الخطاب، الرجل
عليه أن يغض البصر {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ
أَبْصَارِهِمْ}
[(30) سورة النــور]،
والمرأة عليها أن تستر، وتغض البصر عن الرجال، ولا تكن سبباً ومثاراً لفتنتهم، وولي
الأمر ومن يملك الإنكار باليد عليه أن ينكر باليد، والذي يملك الإنكار باللسان
يملكه باللسان، والذي لا يستطيع لا هذا ولا هذا ففي قلبه، ولا يترك الأمر هكذا،
يترك النساء يلعبن بعقول الرجال بالتبرج المشين الفاضح المستورد الذي لا يليق
بالمسلمات بحال، ثم بعد ذلك يطالب الرجال بالغض، نعم هم مطالبون بالغض، ولا أحد
ينكر هذا، وهذا نص القرآن، لكن مع ذلك التبعة عليهن أكثر.
{قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ
وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ}

[(30) سورة النــور]
وقال قتادة: عما لا يحل لهم، {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ
يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ}

[(31) سورة النــور] خائنة
الأعين من النظر إلى ما نهي عنه.
الثانية: قوله تعالى: {مِنْ أَبْصَارِهِمْ}
[(30) سورة النــور].
هذه عادة البخاري -رحمه الله تعالى- أنه يفسر ما يتعلق بالمقام، وما له أدنى مناسبة
بالحديث أو الأثر، فلما ذكر خبر سعيد بن أبي الحسن وقتادة قال: خائنة الأعين لأن
لها تعلق بالموضوع، لها تعلق بالموضوع، لأن الإنسان قد يدعي أنه غض بصره، وهو يسارق
النظر لما حرم الله عليه، فالله -جل وعلا- يعلم خائنة الأعين، التي تنظر إلى ما نهي
عنه، ولو خفي ذلك على الناس، فإن الله -جل وعلا- لا تخفى عليه.
قوله تعالى: {مِنْ أَبْصَارِهِمْ} (من) زائدة،
كقوله: {فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ}


[(47) سورة الحاقة]
وقيل: (من) للتبعيض، لأن من النظر ما يباح، وقيل: الغض: النقصان، يقال: غض فلان من
فلان، أي وضع منه، فالبصر إذا لم يمكن من عمله فهو موضوع منه ومنقوص، فـ(من) صلة
الغض، وليست للتبعيض ولا للزيادة.
وإذا قلنا: إن الغض هو إلغاء النظر في الكلية فقلنا: (من) للتبعيض؛ لأن المطلوب غض
بعض البصر، لا جميع البصر؛ لأنه ليس المسلم مطالب بأن يمشي وقد أغمض عينيه بالكلية،
فيقع في حفرة، أو في شيءٍ يضره، ليس مطالباً بهذا، وإنما مطالب أن يغض بصره بما
يكفيه شر هذه المرأة المتبرجة التي ينظر إليها.
الثالثة: البصر هو الباب الأكبر إلى القلب، وأعمر طرق الحواس إليه، وبحسب ذلك
كثر السقوط من جهته، ووجب التحذير منه، وغضه واجب عن جميع المحرمات، وكل ما يخشى
الفتنة من أجله، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: ((إياكم
والجلوس على الطرقات))
فقالوا: يا رسول الله، ما لنا من مجالسنا بدّ نتحدث
فيها، فقال: ((فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه))
قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: ((غض البصر، وكف
الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر))
رواه أبو سعيد
الخدري، خرجه البخاري ومسلم، وقال -صلى الله عليه وسلم- لعلي:
((لا تتبع النظرة النظرة، فإنما لك الأولى وليست لك
الثانية))
وروى الأوزاعي قال: حدثني هارون بن رئاب أن غزوان وأبا موسى
الأشعري كانا في بعض مغازيهم، فكشفت جارية فنظر إليها غزوان، فرفع يده فلطم عينه
حتى نفرت، فقال: إنك للحاظة إلى ما يضرك ولا ينفعك، فلقي أبا موسى فسأله، فقال:
ظلمت عينك، فاستغفر الله وتب، فإن لها أول نظرة، وعليها ما كان بعد ذلك.
حتى أول نظرة له ذلك إذا لم تكن فجأة من غير قصد، له ذلك، أما إذا كانت عن قصد،
قاصداً النظرة الأولى وأدامها، فإن هذه لا شك أنه يؤاخذ عليها، لأنه نظر إلى عمل
محرم بقصده، أما إذا كان فجأة من غير قصد، ثم صرف بصره عنها، فهذا هو المذكور في
الحديث.
قال الأوزاعي: وكان غزوان ملك نفسه فلم يضحك حتى مات -رضي الله عنه- وفي صحيح
مسلم عن جرير بن عبد الله قال: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن نظرة
الفجاءة، فأمرني أن أصرف بصري، وهذا يقوي قول من يقول: إن (من) للتبعيض؛ لأن النظرة
الأولى لا تملك، فلا تدخل تحت خطاب تكليف، إذ وقوعها لا يتأتى أن يكون مقصوداً، فلا
تكون مكتسبة، فلا يكون مكلفاً بها، فوجب التبعيض لذلك، ولم يقل ذلك في الفرج؛ لأنها
تملك، ولقد كره الشعبي أن يديم الرجل النظر إلى ابنته أو أمه أو أخته، وزمانه خير
من زماننا هذا، وحرام على الرجل أن ينظر إلى ذات محرمة نظر شهوة يرددها..
ولو كانت بنته أو أخته أو من محارمه، لا يجوز له النظر إليها بشهوة، فهي داخلة في
عموم الآية.
الرابعة: قوله تعالى: {وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ}


[(30) سورة النــور]
أي يستروها عن أن يراها من لا يحل، وقيل: {وَيَحْفَظُوا
فُرُوجَهُمْ}
[(30) سورة النــور]
أي عن الزنا، وعلى هذا القول لو قال: من فروجهم لجاز، والصحيح أن الجميع مراد،
واللفظ عام، وروى بهز بن حكيم بن معاوية القشيري، عن أبيه عن جده، قال: قلت: يا
رسول الله: عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: ((احفظ عورتك
إلا من زوجتك، أو ما ملكت يمينك))
قال: الرجل يكون مع الرجل؟ قال:
((إن استطعت ألا يراها فافعل)) قلت: فالرجل يكون
خالياً؟ فقال: ((الله أحق أن يستحيا منه من الناس))
وقد ذكرت عائشة -رضي الله عنها- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحالها معه، فقالت:
ما رأيت ذلك منه، ولا أرى ذلك مني.
مخرج؟
الطالب: رواه الطبراني في الصغير وأبو نعيم والخطيب عن عائشة، وفيه بركة بن محمد
الحلبي كذاب، وعده الحافظ في اللسان من أباطيله، وله شواهد واهية.
الخامسة: بهذه الآية حرم العلماء نصاً دخول الحمام بغير مئزر، وقد روي عن ابن عمر
أنه قال: أطيب ما أنفق الرجل درهم يعطيه للحمام في خلوة..
يعني في الوقت الذي لا يكثر فيه الرواد من المغتسلين.
وصح عن ابن عباس أنه دخل الحمام وهو محرم بالجحفة، فدخوله جائز للرجال بالمآزر،
وكذلك النساء للضرورة، كغسلهن من الحيض أو النفاس، أو مرض يلحقهن، والأولى بهن
والأفضل لهن غسلهن إن أمكن ذلك في بيوتهن..
كان الأمر غير متيسر عند من تقدم لأن البيوت صغيرة، وتوافر المياه ليس على الطريقة
التي نعيشها، فكانوا يخرجون للوضوء، ويخرجون لقضاء الحاجة، ويخرجون للاغتسال، لكن
-الحمد لله- الآن كل شيء متيسر، الإنسان بكل راحة، وبكل بساطة يغتسل فيه بيته، ولا
يراه أحد البتة، ولا من أولاده، إذا كان المغتسل في داخل غرفة النوم، أو ما أشبه
ذلك، هذه من النعم، كم كان آباؤنا وآباؤهم، ومن قبلهم يعانون من نقل المياه في
أوقات الحر الشديد والبرد الشديد، ويعانون من الاستتار في الاغتسال؟ والله
المستعان.
فقد روى أحمد بن منيع قال: حدثنا الحسن بن موسى حدثنا ابن لهيعة، قال: حدثنا
زبان عن سهل بن معاذ عن أبيه عن أم الدرداء أنه سمعها تقول: لقيني رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- وقد خرجت من الحمام فقال: ((من أين يا أم
الدرداء؟))
فقالت: من الحمام فقال: ((والذي نفسي بيده
ما من امرأة تضع ثيابها في غير بيت أحد من أمهاتها إلا وهي هاتكة كل ستر بينها وبين
الرحمن -عز وجل-))
وخرج أبو بكر البزار عن طاووس عن ابن عباس -رضي الله
عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((احذروا
بيتاً يقال له: الحمام))
فقالوا: يا رسول الله ينقي الوسخ، قال:
((فاستتروا)) قال أبو محمد عبد الحق: هذا أصح إسناد
حديث في هذا الباب، على أن الناس يرسلونه عن طاووس، وأما ما خرجه أبو داود في هذا
من الحظر والإباحة، فلا يصح منه شيء لضعف الأسانيد، وكذلك ما خرجه الترمذي.
المدينة لا يوجد فيها حمامات والحجاز عموماً في زمنه -عليه الصلاة والسلام-، وهي
موجودة في مصر والشام والآفاق، أما في بلاد الحجاز فلا يوجد فيها حمامات، ولذا يحكم
كثير من أهل العلم على أن جميع ما ورد في الحمام مرفوعاً أنه ضعيف، نعم الصحابة
رأوا الحمامات لما فتحت البلدان ودخلوها، المقصود أن مثل هذه الأحاديث لا تخلو من
ضعف.
ماذا يقول عندك؟
طالب: الحديث الأول: قال: ضعيف أخرجه أحمد وابن الجوزي في الواهيات من حديث أبي
الدرداء....... وابن لهيعة وابن زبان قال عنه أحمد أحاديثه مناكير، وقال ابن الجوزي
وهذا الحديث باطل ....... والحديث مرفوع صححه الألباني في الترغيب.
طالب: الآخر قال: أخرجه الحاكم والبزار كما في المجمع من حديث ابن عباس، وصححه
الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي وقال فيه ....... البزار غير صحيح، إلا أن
البزار قال رواه الناس عن طاووس مرسلاً.
طالب: حديث عائشة............
المقصود أن ابن القيم وغيره الذين ضعفوا هذه الأحاديث احتجوا أنه لم يكن بالمدينة
حمامات، لكن لا يمنع أن يكون من دلائل نبوته -عليه الصلاة والسلام- وعلاماتها أن
يتحدث بشيءٍ يحدث بعده ويرونه بعده، ويدخلونه بعده –عليه الصلاة والسلام-.
قلت: أما دخول الحمام في هذه الأزمان فحرام على أهل الفضل والدين؛ لغلبة الجهل
على الناس واستسهالهم إذا توسطوا الحمام، رموا مآزرهم حتى يرى الرجل البهي ذو
الشيبة قائماً منتصباً، وسط الحمام وخارجه، بادياً عن عورته، ضاماً بين فخذيه، ولا
أحد يغير عليه هذا أمر بين الرجال، فكيف من النساء؟! لا سيما بالديار المصرية إذ
حماماتهم خالية عن المطاهر، التي هي عن أعين الناس سواتر، ولا حول ولا قوة إلا
بالله العلي العظيم..
يعني يذكر بعض الناس لا سيما النساء في حمامات المواقيت، أنه يحصل شيء من التساهل
كثير، والتجاوز بحيث يُرى بعض النسوة، وإن لم يكن كثيراً، لكنه يوجد بعض النسوة من
تمشي بين الحمامات بدون شيء، ففيه تساهل كثير مثل هذا،
وعورة المرأة عند المرأة معروفة، حرام عليها أن تبدي لها أكثر مما تبدي لمحارمها.
السادسة: قال العلماء: فإن استتر فليدخل بعشرة شروط:
الأول: ألا يدخل إلا بنية التداوي، أو بنية التطهير عن الرحضاء.
يعني التنظيف بعد العرق، والرحضاء: العرق، بنية التداوي إذا كان مريض يستشفي بالماء
الحار، يوصف علاج لبعض الأمراض لا مانع.
الثاني: أن يعتمد أوقات الخلوة، أو قلة الناس. الثالث: أن يستر عورته بإزار
صفيق. الرابع: أن يكون نظره إلى الأرض، أو يستقبل الحائط، لئلا يقع بصره على محظور.
الخامس: أن يغير ما يرى من منكر برفق، يقول: استتر سترك الله..
مثل هذا الأسلوب يمكن أن يقال: إذا رأى الإنسان امرأة متبرجة، قال لها: استتري سترك
الله.
السادس: إن دلَّكه أحد لا يمكنه من عورته من سرته إلى ركبته إلا امرأته أو
جاريته، وقد اختلف في الفخذين هل هما عورة أم لا؟
في الحديث، حديث جرهد: ((غطِ فخذك، فإن الفخذ عورة))
وجاء في حديث أنس في الصحيح حسر النبي -عليه الصلاة والسلام- عن فخذه، فمنهم من
يقول: أن الأصل التغطية، وأنه يجب ستر الفخذ، وأما كونه حسر فلأمرٍ من الأمور، أو
شيءٍ غير مقصود أو شيءٍ يسير، فهذا يتساهلون فيه.
السابع: أن يدخله بأجرة معلومة بشرط أو بعادة الناس.
لئلا يؤدي ذلك إلى النزاع والشقاق، عند الفراغ من الحمام يقول صاحب الحمام: أريد
عشرة وهو يقول: لا: خمسة، فمثل هذا لا بد من معرفة الأجرة، أما إذا جرت العادة
بالأجرة المعلومة فلا يحتاج لمثل هذا.
الثامن: أن يصب الماء على قدر الحاجة. التاسع: إن لم يقدر على دخوله وحده اتفق
مع قوم يحفظون أديانهم على كرائه. العاشر: أن يتذكر به جهنم، فإن لم يمكنه ذلك
كله..
ما معنى هذا؟ إن لم يقدر على دخوله وحده؟ إن لم يقدر على دخوله وحده اتفق مع قومٍ
يحفظون أديانهم على كرائه؟
طالب: استأجره بالكامل.
يعني: إذا كان لا يؤجر إلا بالكامل؟ فيتفق مع أناس يستطيعون دفع الكراء كاملاً،
وأيضاً يحتاجونه بحيث لا يكون أكثر من قدر الحاجة؛ لأن الاستئجار بأكثر من قدر
الحاجة أو لأكثر من ذوي الحاجة لا شك أنه تضييع للمال.
العاشر: أن يتذكر به جهنم، فإن لم يمكنه ذلك كله فليستتر، وليجتهد في غض البصر.
منها ما هو شرط، ومنها ما هو واجب، ومنها ما هو أدب.
ذكر الترمذي -أبو عبد الله- في نوادر الأصول من حديث طاووسٍ عن عبد الله بن عباس
-رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
((اتقوا بيتاً يقال له: الحمام))
قيل: يا رسول الله إنه يذهب به الوسخ،
ويُذكّر النار، فقال: ((إن كنتم لا بد فاعلين فادخلوه
مستترين))
وخرج من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
((نعم البيت يدخله الرجل المسلم بيت الحمام، وذلك لأنه إذا
دخله سأل الله الجنة، واستعاذ به من النار، وبئس البيت يدخله الرجل بيت العروس،
وذلك لأنه يرغبه في الدنيا، وينسيه الآخرة))
قال أبو عبد الله: فهذا لأهل
الغفلة صير الله هذه الدنيا بما فيها سبباً للذكر لأهل الغفلة ليذكروا بها آخرتهم
فأما أهل اليقين فقد صارت الآخرة نصب أعينهم فلا بيت حمام يزعجه، ولا بيت عروس
يستفزه، لقد دقت الدنيا بما فيها من الصنفين والضربين في جنب الآخرة، حتى أن جميع
نعيم الدنيا في أعينهم كنثارة الطعام من مائدة عظيمة، وجميع شدائد الدنيا في أعينهم
كتفلة عوقب بها مجرم أو مسيء، قد كان استوجب بها القتل أو الصلب من جميع عقوبات أهل
الدنيا.
الأحاديث الأولى؟ حديث حكيم الترمذي معروف إذا تفرد بحديث فهو ضعيف.
طالب: كتفلة أو كقتلة؟
الظاهر أن هذه أقرب؟ كتفلة، نعم.
قتلة عظيمة، لا، كأنها أظهر، تفلة، لأنه يريد أن يقلل من شأنها.
طالب: كسب صاحب الحمام؟
كسبه إذا احتاط ورأى مزاحمة أهل الفسوق الذين يقيمون الحمامات بلا شروط، وأراد
مزاحمة وتقليل الشر وتخفيفه، واحتاط لذلك ووضع القيود اللازمة، يؤجر على هذا الشيء
-إن شاء الله- كغيرها من الصنائع والمهن.
طالب: حديث: ((اتقوا بيتاً يقال له: الحمام)) قال:
ضعيف أخرجه الطبراني من حديث ابن عباس بإسناد ضعيف لضعف يحي ابن عثمان .......،
ولكن الألباني -رحمه الله- قال: أخرجه الطبراني في الكبير والضياء في المختار
وغيرهما وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وفيه رد على من قال: لا يصح في الحمام حديث
وقد صححه......
الشيخ: غيره، الثاني.
طالب: الحديث الثاني قال: باطل وهو في نوادر للأصول ولم أقف على إسناده وهو حديث
باطل بلا ريب وأمارات الوضع لائحة عليه قال الألباني: أنا أرى أن هذا الحديث موضوع.

السابعة: قوله تعالى: {ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ}

[(30) سورة النــور] أي غض
البصر، وحفظ الفرج أطهر في الدين، وأبعد من دنس الآثام
{إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ}
أي عالم {بِمَا يَصْنَعُونَ}
تهديد ووعيد.
قوله تعالى: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ
أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ}

[(31) سورة النــور]
إلى قوله: {مِن زِينَتِهِنَّ}.
فيه ثلاث وعشرون مسألة:
الأولى: قوله تعالى: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ}
[(31) سورة النــور] خص الله
سبحانه وتعالى الإناث هنا بالخطاب على طريق التأكيد، فإن قوله:
{قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ} يكفي؛ لأنه قول عام يتناول
الذكر والأنثى من المؤمنين حسب كل خطاب عامٍ في القرآن..
نعم، كل خطاب للرجال يدخل فيه النساء، إلا ما دل الدليل على استثنائهن، وإذا كان
الخطاب بلفظ المذكر فهو خاص بامرأة، كقوله -جل وعلا-:
{وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ}
[(12) سورة
التحريم]
هي مفردة، الأصل أن يقال: من
القانتات، لكن لمراعاة رؤوس الآي، ولأن الخطاب يتجه إلى المرأة كاتجاهه إلى خطاب
الرجل جاز ذلك.
وظهر التضعيف في {يَغْضُضْنَ} ولم يظهر في
{يَغُضُّوا} [(30) سورة النــور}] لأن لام الفعل من
الثاني ساكنة، ومن الأول متحركة..
يعني: لماذا فك الإدغام هنا (يغضضن) وأدغم الضاد في الضاد في (يغضوا)؟ ولا شك أنه
إذا أمكن الإدغام فهو أولى من الفك، لكن جاء بالإدغام والفك في كلمةٍ واحد (يرتد)
و(يرتدد)، نعم.
وهما في موضع جزم جواباً، وبدأ بالغض قبل الفرج؛ لأن البصر رائد للقلب، كما أن
الحمى رائد الموت، وأخذ هذا المعنى بعض الشعراء فقال:



ألم تر أن العين للقلب رائد
**** فما تألف العينان فالقلب آلفُ



وفي الخبر: ((النظر سهم من سهام إبليس مسموم، فمن غض بصره
أورثه الله الحلاوة في قلبه))
.
نعم، ومن أرسل البصر تشتت عليه أمره، وزادت حسرته، وأثم مع ذلك لمخالفته للنهي،
بخلاف من غض بصره، فإنه لا شك أنه يجتمع عليه قلبه ويتجه إلى ما هو بصدده، ولا
يتشتت، ثم بعد ذلك يورث هذه الحلاوة، وهذا أمر مجرب، الذين جربوه ذكروه.
وقال مجاهد: إذا أقبلت المرأة جلس الشيطان على رأسها، فزينها لمن ينظر، فإذا
أدبرت جلس على عجزها، فزينها لمن ينظر، وعن خالد بن أبي عمران قال: لا تتبعن النظرة
النظرة، فربما نظر العبد نظرة نغل منها قلبه، كما ينغل الأديم، فلا ينتفع به..
نعم، يتأثر تأثر كبير، يتأثر بها، يتأثر بهذه النظرة –نسأل الله العافية-، كثير من
الناس لا يحس بهذا الأثر، لأنه اعتاده.
فأمر الله -سبحانه وتعالى- المؤمنين والمؤمنات بغض الأبصار عما لا يحل، فلا يحل
للرجل أن ينظر إلى المرأة، ولا المرأة إلى الرجل، فإن علاقتها به كعلاقته بها،
وقصدها منه كقصده منها، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- يقول: ((إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا
أدرك ذلك لا محالة، فالعينان تزنيان وزناهما النظر))
الحديث... وقال الزهري
في النظر إلى التي لم تحض من النساء: لا يصلح النظر إلى شيء منهن..
يعني الصغيرة غير المكلفة.
ممن يشتهى النظر إليهن، وإن كانت صغيرة..
وعلى هذا يخطئ من يقول ويفتي في القنوات والوسائل بأن البنت إذا كانت غير مكلفة لا
مانع من تصويرها، ولا مانع من إخراجها في هذه القنوات، فهذا خطأ كبير، وخطأ فاشٍ،
يضر بالناس، لا شك أن البنت إذا كانت غير مكلفة قد يكون حجمها وجرمها بقدر المكلفة،
الناس إذا نظروا إلى المرأة لا يطلبون دفتر العائلة، نشوف كم عمرها على شأن ننظر أو
لا ننظر؟ ثم ينظرون إلى جسدٍ يثيرهم، سواءً كانت كبيرة أو صغيرة، فكل ما يثير
الرجال لا يجوز أن يُخرج لا في قنوات ولا في غيرها، بل لا بد من حجبها عن أعين
الناس، هذا عند من يتجاوز ويقول: بجواز التصوير لهذه القنوات، وجواز المشاركة في
هذه القنوات، وإلا أهل التحري -إن شاء الله- ما يقولون بهذا، نعم.
وكره عطاء النظر إلى الجواري اللاتي يبعن بمكة إلا أن يريد أن يشتري، وفي
الصحيحين عنه -عليه السلام- أنه صرف وجه الفضل عن الخثعمية حين سألته، وطفق الفضل
ينظر إليها، وقال -عليه السلام-: ((الغيرة من الإيمان،
والمذاء من النفاق))
والمذاء: هو أن يجمع الرجل بين النساء والرجال، ثم
يخليهم يماذي بعضهم بعضاً..
المقصود أنه يخرج هذا المذي، بسبب نظر النساء إلى الرجال، والعكس.
ماذا قال عنه؟ مخرج؟
طالب: قال: أخرجه البزار والديلمي من حديث أبي سعيد، وأشار البزار إلى تفرد أبي
مرحوم الأرطباني به، وقال الهتمي في المجمع وثقه النسائي وغيره، وضعفه ابن معين،
وبقية رجاله رجال الصحيح وفي الميزان عبد الرحيم بن خلدون، هو شيخ ليس بواه ولا هو
مجهول الحال ولا هو بالثبت، ثم ذكر الذهبي له هذا الحديث، وقال الخبر غير قوي،
والحديث ضعفه الألباني -رحمه الله-.
وقيل: مأخوذ من المذي، وقيل: هو إرسال الرجال إلى النساء من قولهم: مذيت الفرس
إذا أرسلتها ترعى، وكل ذكر يمذي، وكل أنثى تقذي، فلا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم
الآخر أن تبدي زينتها إلا لمن تحل له، أو لمن هي محرمة عليه على التأبيد..
يعني زوجها أو محرمها.
فهو آمن أن يتحرك طبعه إليها، لوقوع اليأس له منها.
مع أنه في هذه الأزمان التي كثرت فيها الشرور، وانتشرت فيها وسائل الإثارة، ينبغي
أن يحتاط حتى من المحارم.
الثانية: روى الترمذي عن نبهان مولى أم سلمة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال
لها ولميمونة، وقد دخل عليها ابن أم مكتوم: ((احتجبا))
فقالتا: إنه أعمى، قال: ((أفعمياوان أنتما؟ ألستما
تبصرانه؟))
فإن قيل: هذا الحديث لا يصح عند أهل النقل؛ لأن راويه عن أم سلمة
نبهان مولاها، وهو ممن لا يحتج بحديثه، وعلى تقدير صحته فإن ذلك منه -عليه السلام-
تغليظ على أزواجه لحرمتهن، كما غلظ عليهن أمر الحجاب، كما أشار إليه أبو داود وغيره
من الأئمة، ويبقى معنى الحديث الصحيح الثابت وهو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر
فاطمة بنت قيس أن تعتد في بيت أم شريك، ثم قال: ((تلك امرأة
يغشاها أصحابي، اعتدي عند ابن أم مكتوم، فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك، ولا يراك))

قلنا: قد استدل بعض العلماء بهذا الحديث على أن المرأة..
دلالة الحديث الأول: ((احتجبا))
((أفعمياوان؟)) هذا بالنسبة إلى نظر المرأة إلى
الرجل، سواءً كان مبصراً أو أعمى، فتمنع من النظر إليه، من تكرار النظر إليه بشهوة
تمنع منه، سواءً كان مبصراً أو أعمى، ولو لم يثبت الحديث، لعموم
{وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ}
[(31) سورة النــور] سواء كان
أعمى أو مبصر، بالنسبة للعكس نظر الرجل للمرأة، التي في حديث فاطمة هذا لا شك أنه
بالنسبة إلى الأعمى أقل ضرراً من المبصر؛ لأنه لا يرى، والوسيلة التي موصلة إلى
الفاحشة بالنسبة إلى الأعمى مأمونة، التي هي النظر إلى المرأة، فلا تعارض بين
الخبرين؛ لأن الحديث الأول، حديث ميمونة هذا بالنسبة إلى نظر المرأة إلى الرجل، هذا
ممنوع سواءً كان الرجل مبصراً أو أعمى.
وأما بالنسبة للحديث الثاني، حديث فاطمة بنت قيس، وهو في الصحيحين وغيرهما، مثل هذا
لا شك أن ضرر الرجل الأعمى عند الاحتياج إلى أن تعتد عنده، ليس معنى هذا أنه يخلو
بها، أبداً، لكن إذا خرج من محل إلى محل في داخل بيته فإنه يكون الخطر منه أقل،
تضعين ثيابك ولا يراك.
قلنا: قد استدل بعض العلماء بهذا الحديث على أن المرأة يجوز لها أن تطلع من
الرجل على ما لا يجوز للرجل أن يطلع من المرأة، كالرأس ومعلق القرط، وأما العورة
فلا، فعلى هذا يكون مخصصاً لعموم قوله تعالى: {وَقُل
لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ}


[(31) سورة النــور]
وتكون (من) للتبعيض كما
هي في الآية قبلها، قال ابن العربي: وإنما أمرها بالانتقال من بيت أم شريك إلى بيت
ابن أم مكتوم؛ لأن ذلك أولى بها من بقائها في بيت أم شريك، إذ كانت أم شريك مؤثرة
بكثرة الداخل إليها، فيكثر الرائي لها، وفي بيت ابن أم مكتوم لا يراها أحد، فكان
إمساك بصرها عنه أقرب من ذلك وأولى، فرخص لها في ذلك، والله أعلم.
طالب: يمكن أن يقال: في الحديث مفهوم والآية منطوق عام؟
لا، هو دلالته تختلف عن دلالة الآية، الآن الأعمى، امرأة اضطرت إلى أن تسكن عند
أسرة، مات ولي أمرها، مات محرمها في بلدٍ لا يوجد لها محرم، هل الأفضل أن تسكن عند
أسرة الرجل عندهم أعمى أو رجل مبصر؟ أيهما أفضل؟ أعمى؛ لأنه انقطع نصف المحظور،
الآن انتهينا من نصف المحظور، لكن إذا كانت هي تنظر إلى الرجل سواءً كان أعمى أو
مبصر لا فرق؛ لأن التبعة عليها، والحديث الثاني التبعة على الرجل، والحديث الأول
موضوعه نظر المرأة إلى الرجال، والثاني نظر الرجال إلى النساء.
طالب: مدرس أعمى للبنات؟
موجود؟! عميان عند البنات، فهذا خطأ، كونها تنظر إليه، لكن يؤمرن بغض البصر، وإن
كان من وراء حجاب فلا مانع -إن شاء الله تعالى-.
الثالثة: أمر الله سبحانه وتعالى النساء بألا يبدين زينتهن للناظرين إلا ما
استثناه من الناظرين في باقي الآية، حذراً من الافتتان، ثم استثنى ما يظهر من
الزينة، واختلف الناس في قدر ذلك، فقال ابن مسعود: ظاهر الزينة هو الثياب، وزاد ابن
جبير الوجه، وقال سعيد بن جبير أيضاً وعطاء والأوزاعي: الوجه والكفان والثياب، وقال
ابن عباس وقتادة والمسور بن مخرمة: ظاهر الزينة: هو الكحل والسوار والخضاب إلى نصف
الذراع والقرطة والفتخ ونحو هذا فمباح أن تبديه المرأة لكل من دخل عليها من الناس،
وذكر الطبري عن قتادة في معنى نصف الذراع حديثاً عن النبي -صلى الله عليه وسلم-
وذكر آخر عن عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:
((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر إذا عركت أن تظهر
إلا وجهها ويديها إلى هاهنا))
.
عركت يعني: حاضت.
وقبض على نصف الذراع، قال ابن عطية: ويظهر لي بحكم ألفاظ الآية: أن المرأة
مأمورة بألا تبدي وأن تجتهد في الإخفاء لكل ما هو زينة، ووقع الاستثناء فيما يظهر
بحكم ضرورة حركة فيما لا بد منه، أو إصلاح شأن، ونحو ذلك..
يعني: إذا خرج هذا من غير قصد، وحديث عائشة يمكن توجيهه على الأولياء المذكورين في
الآية، وأنها لا تخرج لهم إلا ما يظهر غالباً.
فـ{مَا ظَهَرَ} على هذا الوجه مما تؤدي إليه
الضرورة في النساء فهو المعفو عنه، قلت: هذا قول حسن، إلا أنه لما كان الغالب من
الوجه والكفين ظهورهما عادة وعبادة، وذلك في الصلاة والحج، فيصلح أن يكون الاستثناء
راجعاً إليهما..
لكن لا يصلح أن يكون الاستثناء راجحاً لوجود الأدلة المعارضة، والأدلة على وجوب
تغطية الوجه والكفين أشهر من أن تذكر، وأكثر من أن تحصر، حديث عائشة -رضي الله
عنها- في قصة الإفك، فاستيقظت باسترجاعه، فخمرت وجهها، وقالت: إنه كان يعرفها قبل
الحجاب، ولو كان كشف الوجه جائزاً لما احتاجت إلى مثل هذا؛ لأنه يعرفها باستمرار،
وأيضاً المرأة إذا خطبت يُنظر إليها ((انظر إليها، فإنه أحرى
أن يؤدم بينكما))
ولو كانت تكشف وجهها ما احتاج إلى أن يقال مثل هذا، وقد
كان جابر -رضي الله عنه- يتخبأ لها لينظر إليها، فلو كانت ممن يكشف الوجه، وكشف
الوجه سائغ في وقتهم لما احتاجوا إلى مثل هذا.
يدل على ذلك ما رواه أبو داود عن عائشة -رضي الله عنها- أن أسماء بنت أبي بكر
-رضي الله عنهما- دخلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعليها ثياب رقاق فأعرض
عنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال لها: ((يا أسماء
إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا
-وأشار إلى وجهه
وكفيه-)).
والحديث مضعف عند أهل العلم.
فهذا أقوى في جانب الاحتياط، ولمراعاة فساد الناس، فلا تبدي المرأة من زينتها
إلا ما ظهر من وجهها وكفيها..
وعلى كل الحالين إن أظهرت وجهها فلتظهر كل شيء؛ لأن الوجه هو محل المحاسن.
والله الموفق لا رب سواه، وقد قال ابن خويز منداد من علمائنا: إن المرأة إذا
كانت جميلة وخيف من وجهها وكفيها الفتنة فعليها ستر ذلك، وإن كانت عجوزاً أو مقبحة
جاز أن تكشف وجهها وكفيها..
ولو كانت عجوزاً أو مقبحاً ما لم تكن من القواعد اللاتي استثنين، فلا يجوز لها أن
تكشف شيئاً من وجهها، لأن لكل ساقطةٍ لاقطة، هذه العجوز تجد من يشتهيها، وهذه
المقبحة تجد من يميل إليها، وعلى كل حال كل ما كان مثار فتنة الرجال وجب على المرأة
ستره، وإذا كان الزمان زمان فتنة، فالستر محل إجماع بين أهل العلم.
الرابعة: الزينة على قسمين: خلقية ومكتسبة، فالخلقية وجهها، فإنه أصل الزينة،
وجمال الخلقة، ومعنى الحيوانية لما فيه من المنافع، وطرق العلوم، وأما الزينة
المكتسبة فهي ما تحاوله المرأة في تحسين خلقتها، كالثياب والحلي والكحل والخضاب،
ومنه قوله تعالى: {خُذُواْ زِينَتَكُمْ}
[(31) سورة الأعراف] وقال
الشاعر:



يأخذن زينتهن أحسن ما ترى ***
وإذا عطلن فهن خير عواطل



(عطلن) يعني: من الزينة، يعني ما استعملن الزينة فهن خير عواطل، يعني خير النساء
اللاتي لا يتزين، لأنهن لسن بحاجة إلى التزين.
طالب: يا شيخ يستدلون ببيت:



قل للمليحة بالخمار الأسودِ
*** ماذا فعلت بناسك متعبدِ؟



فما وجه الاستدلال للذي يقول: أن الوجه ليس بعورة؟
الشيخ: وجه الاستدلال أنها تفعل فعلها بالرجل، ولو كانت مغطيةً وجهها؛
لأن النظر إلى المرأة عموماً يفتن الرجال ((ما رأيت من
ناقصات عقلٍ ودين أسلب للب الرجل الحازم منكن))
فهي تسلب الرجل بصوتها،
بهيئتها، بحجمها، بكلامها.
الخامسة: من الزينة ظاهر وباطن، فما ظهر فمباح أبداً لكل الناس من المحارم
والأجانب، وقد ذكرنا ما للعلماء فيه، وأما ما بطن فلا يحل إبداؤه إلا لمن سماهم
الله تعالى في هذه الآية، أو حل محلهم، واختلف في السوار، فقالت عائشة: هو من
الزينة الظاهرة، لأنه في اليدين، وقال مجاهد: هو من الزينة الباطنة، لأنه خارج عن
الكفين، وإنما يكون في الذراع، قال ابن العربي: وأما الخضاب فهو من الزينة الباطنة،
إذا كان في القدمين.
السادسة: قوله تعالى: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى
جُيُوبِهِنَّ}
قرأ الجمهور بسكون اللام التي هي للأمر، وقرأ أبو عمرو في
رواية ابن عباس بكسرها على الأصل؛ لأن الأصل في لام الأمر الكسر، وحذفت الكسرة
لثقلها، وإنما تسكينها لتسكين عضدٍ وفخذ.
كتسكين، كتسكين.
الطالب: كتسكين؟
نعم الذي يظهر كتسكين .
وإنما تسكينها كتسكين عضدٍ وفخذ و{يضربن} في موضع جزم بالأمر، إلا أنه بني على
حالة واحدة إتباعاً للماضي عند سيبويه، وسبب هذه الآية أن النساء كن في ذلك الزمان
إذا غطين رؤوسهن بالأخمرة وهي المقانع سدلنها من وراء الظهر، قال النقاش: كما يصنع
النبَط..
النبَط والأنباط هم الواردون من بلاد الروم، سموا بذلك لأن لهم خبرة في استنباط
الماء.
فيبقى النحر والعنق والأذنان لا ستر على ذلك، فأمر الله تعالى بلي الخمار على
الجيوب وهيئة ذلك: أن تضرب المرأة بخمارها على جيبها لتستر صدرها، روى البخاري عن
عائشة أنها قالت: رحم الله نساء المهاجرات الأول، لما نزل:
{وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}
شققن أزرهن فاختمرن بها.

ودخلت على عائشة حفصة بنت أخيها عبد الرحمن -رضي الله عنهم- وقد اختمرت بشيء يشف عن
عنقها وما هنالك، فشقته عليها، وقالت: إنما يضرب بالكثيف الذي يستر..
نعم، نساء الأنصار لما نزلت آية الحجاب خرجن ممتثلات كالغربان، يعني: لا يخرج منهن
شيء، والله المستعان.
السابعة: الخمر: جمع الخمار، وهو ما تغطي به رأسها، ومنه اختمرت المرأة، وتخمرت
وهي حسنة الخمرة.
والجيوب: جمع الجيب، وهو موضع القطع من الدرع والقميص، وهو من الجوب، وهو القطع،
ومشهور القراءة ضم الجيم من {جُيُوبِهِنَّ}.

الجيب: هو موضع القطع ممن يدخل معه الرأس.
وقرأ بعض الكوفيين بكسرها بسبب الياء، كقراءتهم ذلك في: بيوت وشيوخ، والنحويون
القدماء لا يجيزون هذه القراءة، ويقولون: بيت وبيوت كفَلس وفلوس، وقال الزجاج: يجوز
على أن تبدل من الضمة كسرة، فأما ما روي عن حمزة من الجمع بين الضم والكسر، فمحال
لا يقدر أحد أن ينطق به إلا على الإيماء إلى ما لا يجوز، وقال مقاتل:
{عَلَى جُيُوبِهِنَّ} أي على صدورهن، يعني على مواضع
جيوبهن.
الثامنة: في هذه الآية دليل على أن الجيب إنما يكون في الثوب موضع الصدر، وكذلك
كانت الجيوب في ثياب السلف -رضوان الله عليهم- على ما يصنعه النساء عندنا بالأندلس،
وأهل الديار المصرية من الرجال والصبيان وغيرهم، وقد ترجم البخاري -رحمة الله تعالى
عليه- (باب جيب القميص من عند الصدر وغيره) وساق حديث أبي هريرة قال: ضرب رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- مثل البخيل والمتصدق كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد، قد
اضطرت أيديهما إلى ثديهما وتراقيهما، الحديث... وقد تقدم بكماله، وفيه: قال أبو
هريرة: فأنا رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: بأصبعيه هكذا في جيبه، فلو
رأيته يوسعها ولا تتوسع، فهذا يبين لك أن جيبه -عليه السلام- كان في صدره؛ لأنه لو
كان في منكبه لم تكن يداه مضطرة إلى ثدييه وتراقيه.
يعني الفتحة، فتحة القميص تكون على الصدر، لا على المنكب ولا من الخلف، هذا الأصل
فيها.
طالب......
هذا عملهم، هو يشرح عملهم، أما بالنسبة الحكم الشرعي شيء آخر.
وهذا استدلال حسن.
التاسعة: قوله تعالى: {إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ}


[(31) سورة النــور]
البعل هو الزوج والسيد في كلام العرب، ومنه قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث
جبريل: ((إذا ولدت الأمة بعلها)) يعني سيدها، إشارةً
إلى كثرة السراري بكثرة الفتوحات، فيأتي الأولاد من الإماء فتعتق كل أم بولدها،
وكأنه سيدها الذي منَّ عليها بالعتق إذ كان العتق حاصلاً لها من سببه، قاله ابن
العربي.
وهذا موجود في عصر النبي -عليه الصلاة والسلام-، فلا يكون من علامات الساعة، أمهات
الأولاد موجودات في عصره -عليه الصلاة والسلام- وبعده كثرن، في صدر الإسلام مع كثرة
الفتوحات، وجدوا أمهات الأولاد، فلا يتجه مثل هذا التأويل، أما إذا كان في آخر
الزمان يكثرن كثرةً بحيث تلد الأمة من السيد، ثم تعتق به، ثم بعد ذلك -كما قال أهل
العلم- من الكثرة بحيث يكون هذا الولد يتزوج هذه المرأة، كما نص على ذلك الشراح،
أما كونها مجرد أنها تعتق بولدها فهذا موجود في عصر النبي -عليه الصلاة والسلام-،
يقول: ((إذا ولدت الأمة بعلها)) يعني: سيدها
إشارةً إلى كثرة السراري، وكثرة الفتوحات، فيأتي الأولاد من الإماء فتعتق كل أمٍ
بولدها، وكأنه سيدها الذي منّ عليها بالعتق.. السيادة هنا ولدت الأمة بعلها،
يعني زوجها الذي سيكون زوجاً لها فيما بعد، لكثرة هؤلاء النسوة من السراري اللاتي
أعتقهن أولادهن ثم مع هذه الكثرة يتزوج الإنسان من ولدته وهو لا يشعر.
قلت: ومنه قوله -عليه السلام- في مارية: ((أعتقها ولدها))
فنسب العتق إليه، وهذا من أحسن تأويلات هذا الحديث، والله أعلم.
مسألة: فالزوج والسيد يرى الزينة من المرأة، وأكثر من الزينة إذ كل محل من بدنها
حلال له لذةً ونظراً، ولهذا المعنى بدأ بالبعولة؛ لأن اطلاعهم يقع على أعظم من هذا،
قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ
* إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ
مَلُومِينَ}

[(29-30) سورة المعارج].

العاشرة:
اترك العاشرة إلى الحادية عشرة، العاشرة كل إنسان يقرؤها لنفسه، العاشرة كل إنسان
له أن يقرأها بنفسه؛ لأن فيها كلام فيه شيء من الإسفاف لا يليق بدرس التفسير ولا
بالمسجد، وإن كانت المسألة أحكام شرعية، يعني الإنسان إذا سئل أن يجيب بحكم شرعي،
لكن الإنسان يقرؤها لنفسه ويستفيد.
الحادية عشرة: لما ذكر الله تعالى الأزواج وبدأ بهم ثنَّى بذوي المحارم، وسوى
بينهم في إبداء الزينة، ولكن تختلف مراتبهم بحسب ما في نفوس البشر فلا مرية أن كشف
الأب والأخ على المرأة أحوط من كشف ولد زوجها، وتختلف مراتب ما يبدى لهم، فيبدى
للأب ما لا يجوز إبداؤه لولد الزوج، وقد ذكر القاضي إسماعيل عن الحسن والحسين -رضي
الله عنهما- أنهما كانا لا يريان أمهات المؤمنين، وقال ابن عباس: إن رؤيتهما لهن
تحل.
لأنهن زوجات أبيه، يحل لهم النظر إليهن.
قال إسماعيل: أحسب أن الحسن والحسين ذهبا في ذلك إلى أن أبناء البعولة لم يذكروا
في الآية التي في أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي قول تعالى:
{لَّا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ}

[(55) سورة الأحزاب] وقال في
سورة النور: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا
لِبُعُولَتِهِنَّ}
[(31) سورة النــور]
الآية. فذهب ابن عباس إلى هذه الآية، وذهب الحسن والحسين إلى الآية الأخرى.
لكن عموم الآية يدخل فيها أزواج النبي -عليه الصلاة والسلام-.
الثانية عشرة: قوله تعالى: {أَوْ أَبْنَاء
بُعُولَتِهِنَّ}
يريد ذكور أولاد الأزواج، ويدخل فيه أولاد الأولاد، وإن
سفلوا من ذكران كانوا أو إناث، كبني البنين وبني البنات، وكذلك آباء البعولة
والأجداد، وإن علوا من جهة الذكران لآباء الآباء وآباء الأمهات، وكذلك أبناؤهن، وإن
سفلوا، وكذلك أبناء البنات، وإن سفلن، فيستوي فيه أولاد البنين وأولاد البنات،
وكذلك أخواتهن، وهم من وَلَدَهُ الآباء والأمهات، أو أحد الصنفين..
يعني: الآباء والأمهات في الأشقاء، أحد الصنفين من الأب أو من الأم.
وكذلك بنو الإخوة وبنو الأخوات..
يعني من الجهات الثلاث.
وإن سفلوا من ذكران كانوا أو إناث كبني بني الأخوات وبني بنات الأخوات، وهذا كله
في معنى ما حرم من المناكح، فإن ذلك على المعاني في الولادات، وهؤلاء محارم، وقد
تقدم في النساء، والجمهور على أن العم والخال كسائر المحارم في جواز النظر لهما إلى
ما يجوز لهم، وليس في الآية ذكر الرضاع، وهو كالنسب على ما تقدم، وعند الشعبي
وعكرمة ليس العم والخال من المحارم، وقال عكرمة: لم يذكرهما في الآية لأنهما
تَبَعَان لأبنائهما.
فأبناؤهما ليسا من المحارم، هم من المحارم أبناء العم وأبناء الخال؟
طالب: لا.
نعم ليسوا من المحارم.
فكيف يتبع الأب أباه؟ لكن هل المقصود تَبَعَان لأبنائهما أبناء العم والخال؟ هل هذا
هو المقصود؟
هو قال عند الشعبي وعكرمة: ليس العم والخال من المحارم، وفي الحديث الصحيح:
((عم الرجل صنو أبيه)) يعني مثل أبيه، فهو من المحارم
بلا شك، كذلك الخال بمنزلة الأم، الخالة.
الثالثة عشرة: قوله تعالى: {أَوْ نِسَائِهِنَّ}
يعني المسلمات، ويدخل في هذا الإماء المؤمنات ويخرج منه نساء المشركين من أهل الذمة
وغيرهم، فلا يحل لامرأة مؤمنة أن تكشف شيئاً من بدنها بين يدي امرأة مشركة، إلا أن
تكون أمةً لها..
ولذا يوجد من الطبيبات من غير المسلمات في بلاد المسلمين وحينئذٍ لا يجوز للمرأة أن
تكشف عندها، لأنها ليست من نسائها.
فذلك قوله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ}
وكان ابن جريج وعبادة بن نُسي وهشام القارئ يكرهون أن تقبل النصرانية المسلمة، أو
ترى عورتها، ويتأولون {أَوْ نِسَائِهِنَّ} وقال عبادة بن نُسَي: وكتب عمر -رضي الله
عنه- إلى أبي عبيدة بن الجراح: أنه بلغني أن نساء أهل الذمة يدخلن الحمامات مع نساء
المسلمين، فامنع من ذلك، وحُل دونه، فإنه لا يجوز أن ترى الذمية عرية المسلمة، قال:
فعند ذلك قام أبو عبيدة وابتهل، وقال: أيما امرأة تدخل الحمام من غير عذر لا تريد
إلا أن تبيض وجهها، فسود الله وجهها يوم تبيض الوجوه. وقال ابن عباس -رضي الله
عنهما-: لا يحل للمسلمة أن تراها يهودية أو نصرانية؛ لئلا تصفها لزوجها..
هذه العلة حتى في المسلمة إذا خشيت المرأة من المسلمة أن تصفها لزوجها لا يجوز لها
أن تراها.
وفي هذه المسألة خلاف للفقهاء، فإن كانت الكافرة أمةً لمسلمةً جاز أن تنظر إلى
سيدتها، وأما غيرها فلا؛ لانقطاع الولاية بين أهل الإسلام وأهل الكفر، ولما ذكرناه،
والله أعلم.
الرابعة عشرة: قوله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ
أَيْمَانُهُنَّ}
ظاهر الآية يشمل العبيد والإماء المسلمات والكتابيات، وهو
قول جماعة من أهل العمل، وهو الظاهر من مذهب عائشة وأم سلمة -رضي الله عنهما- وقال
ابن عباس: لا بأس أن ينظر المملوك إلى شعر مولاته، وقال أشهب: سئل مالك أتلقي
المرأة خمارها بين يدي الخصي؟ فقال نعم: إذا كان مملوكاً لها أو لغيرها، وأما الحر
فلا، وإن كان فحلاً كبيراً، وغداً تملكه لا هيئة له ولا منظر فلينظر إلى شعرها، قال
أشهب: قال مالك: ليس بواسع أن تدخل جارية الولد أو الزوجة على الرجل المرحاض، قال
الله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}


[(3) سورة النساء].
ليس بواسع أن تدخل جارية الولد أو الزوجة على الرجل المرحاض، ما معنى المرحاض؟
طالب: المغتسل.
إيه أن تدخل المرحاض على الرجل، يعني محل الاغتسال، أو قضاء الحاجة، ليس بواسع أن
تدخل جارية الولد أو الزوجة على الرجل، جارية الولد لا تدخل على أبيه المرحاض، ولا
زوجة الولد؛ لأنها ليست من محارمه، ولذا قد يحتاج بعض الرجال أو بعض النساء إلى
الخدمة لمرضٍ أو كبرٍ أو هرم، فكثير من الناس يتسامح، يتساهل في هذا الباب، فيجعل
الولد نفسه يتولى خدمة أبيه، مع أن نظره إلى عورته لا يجوز، هذا الولد يريد أن يبرّ
بأمه، ولا يريد أنها تتولى هذا الأمر، فيقوم مقامها، لا يجوز للرجل أن ينظر عورة
الرجل، وقد يكلف زوجته بأن تخدم أباه هذه الخدمة التي لا يجوز أن يطلع عليها إلا
الزوجة أو ما ملكت اليمين، وكل هذا تساهل غير مرضي.
فالحل في هذا أن تتولاه زوجته إن كانت تقدر على ذلك، وإلا بحث عن جارية تتولى سواء
كانت أمة أو زوجة، والحلول موجودة -ولله الحمد-، لكن الناس يتساهلون.
قال الله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}
وقال أشهب عن مالك: ينظر الغلام الوغد إلى شعر سيدته، ولا أحبه لغلام الزوج، وقال
سعيد بن المسيب: لا تغرنكم هذه الآية {أَوْ مَا مَلَكَتْ
أَيْمَانُهُنَّ}
إنما عني بها الإماء، ولم يعن بها العبيد، وكان الشعبي يكره
أن ينظر المملوك إلى شعر مولاته، وهو قول مجاهد وعطاء، وروى أبو داود عن أنس أن
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أتى فاطمة بعبد قد وهبه لها قال: وعلى فاطمة ثوب
إذا غطت به رأسها لم يبلغ إلى رجليها، وإذا غطت به رجليها لم يبلغ إلى رأسها، فلما
رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- ما تلقى من ذلك قال: ((إنه
لا بأس عليك، أنما هو أبوكِ وغلامكِ))
.
طالب: قال: حسن أخرجه أبو داود من حديث أنس، وإسناده غير قوي وفيه سهل ابن دينار
قال في التقريب: مقبول واعترضه الألباني في الإرواء فقال: إسناده صحيح، ورجاله
ث
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
fareslove
المدير العام
المدير العام
fareslove


اللقب : أبو برهان
ذكر المشاركات : 22454
العمر : 39
الإقامة : منتدى الأصدقاء
نقاط التقييم : 458
نقاط‎ ‎‏التميز : 2620

تفسير سورة النور  الكلام على غض البصر والحجاب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة النور الكلام على غض البصر والحجاب   تفسير سورة النور  الكلام على غض البصر والحجاب Emptyالثلاثاء 15 نوفمبر - 3:00

الموضوع مهداة لكل اخوتي وبالاخص الاخت نور حجار


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأقحوانة الملكية
مشرفة إدارة عامة
مشرفة إدارة عامة
الأقحوانة الملكية


انثى المشاركات : 6536
الإقامة : : لمَ أعُد أعرفٌ إينَ هوَ الوطنْ
نقاط التقييم : 463
نقاط‎ ‎‏التميز : 3279

تفسير سورة النور  الكلام على غض البصر والحجاب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة النور الكلام على غض البصر والحجاب   تفسير سورة النور  الكلام على غض البصر والحجاب Emptyالثلاثاء 15 نوفمبر - 8:40

بارك الله فيك فارس على هذا التفسير
في ميزان حسناتك ان شاء الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
king
مشرف سابق
مشرف سابق
king


اللقب : ابو محمد
ذكر المشاركات : 12774
العمر : 38
الإقامة : تحت ظل طــاعة الله تعالى...
نقاط التقييم : 63
نقاط‎ ‎‏التميز : 657

تفسير سورة النور  الكلام على غض البصر والحجاب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة النور الكلام على غض البصر والحجاب   تفسير سورة النور  الكلام على غض البصر والحجاب Emptyالثلاثاء 15 نوفمبر - 12:07

بارك الله فيك اخي وجعلها في ميزان حسناتك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زين الدّين
عضو نشيط جدا
عضو نشيط جدا



اللقب : زين العلم : الحلم .
ذكر المشاركات : 728
العمر : 58
الإقامة : عربي
نقاط التقييم : 27
نقاط‎ ‎‏التميز : 65

تفسير سورة النور  الكلام على غض البصر والحجاب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة النور الكلام على غض البصر والحجاب   تفسير سورة النور  الكلام على غض البصر والحجاب Emptyالثلاثاء 15 نوفمبر - 15:12

سبق القلم في (اللهم صلي) بالياء يحتاج إلى تعديل إلى (اللهم صل)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تفسير سورة النور الكلام على غض البصر والحجاب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الأصدقاء :: القسم الإسلامي :: المنتدى الاسلامي-
انتقل الى: