فضل ءاية الكُرسِيّ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد أشرف المرسلين
أما بعد
فقد روى البخاريُّ في صحيحهِ أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال عن ءاية الكرسيّ : (( إنـها سيدة ءاي القرءان )) أي أفضل ءاية ٍ في القرءَان .
وورد عنهُ صلى الله عليه وسلم : (( أن من قرأ ءاية الكرسيّ فكأنما قرأ ربع القرءان ِ)) أي لهُ ثوابٌ يُشبهُ ثوابَ من قرأ رُبعَ القرءان ِ.
الله لا إله إلا هو
*( الله )* هو علمٌ للذات الواجب الوجود المستحقّ لنهايةِ التعظيم ِوغاية ِالخضوع والخشوع والتسليم , ومعنى ذات الله أي حقيقة ُ الله الذي لا يشبه ُ الحقائق , أما ذاتُ المخلوق ِ فمعناهُ جسمهُ .
وقوله تعالى : *( لا إلهَ إلا هُوَ )* الإلـه هو المعبودُ بحق ٍ ثمَّ صار الكفار يُطلقون هذا اللفظ على ما عبدوه من دون الله , فلا يقال لفظ (إلـه) بالإطلاق ِ إلا على الله .وكلمة ُ (( لا إلـه إلا الله )) فيها نفي الألوهيةِ عما سِوى الله وإثباتها لله .
وقولُه تَعالى : *( الحَىُّ القَيُّومُ )* معنى الحيّ الموصوف بصفِة الحياة التي هي صفة ٌ قائمة ٌ بذات ِ الله , أي ثابتة ٌ لهُ ليست بروح ِودم وعصب وجسد .
ومعنى القيّوم : المدبِرُ لجميع ِ المخلوقين , ويُقال القيوم : القائمُ بذاتِه أي المستغني عن كل ما سِواه . وقال بعضُ جَهلة ِ المتصوفة : معنى القيوم القائم فينا , وهذا إلحــــادٌ وكفرٌ .
ومعنى : *( لا تَأخُذُهُ سِنَة ٌ وَلا نَومٌ )* لا يجوزُ على الله النعاسُ , وفي ذلك إشارة ٌ إلى تنزيه الله عن طروء الصفات , وإلى تنزيه الله عن الاتصاف بصفاتِ الخلق .
وأما قوله :*( لَّهُ مَا فِي السَّموَاتِ وَمَا فِي الأرض ِ)* فمعناهُ أن الله يملكُ ما في السماوات وما في الأرض . فهو تَعالى خالقُ كلِّ شىءٍ وكل شىء مِلكُه ُ حقيقة ً, أما مِلكُ العباد فيسمى مِلكا ًمجازيًّا .
وقوله تعالى : *( مَن ذَا الّذِي يَشفَعُ عِنَدَهُ إِلا بِإِذنِهِ )* معنى الشفاعة : طلب الخير من الغير للغير . فالأنبياءُ والملائكة ُ وشُهداءُ المعركة ِ والعُلماءُ العَامِلونَ ومن مات طفلا ً من أبوين مسلمين كل ّ هؤلاء يشفعون .
وقولهُ تعالى :*( يَعلمُ مَا بَينَ أيدِيهِم وَمَا خَلفَهُم )* معناهُ أن الله أحاط بكلّ ِ شىءٍ علما ً بعلم ٍ واحد ٍ أزليّ ٍٍ أبديّ ٍ لا يطرأُ عَليهِ زيادة ٌ ولا نقصان .
وأما قوله : *( وَلا يُحِيطُونَ بِشَىء ٍ مِّن عِلمِهِ إِلا بِمَا شَآءَ )* فمعناهُ أنهم لا يحيطون بشىء ٍ من معلومات الله إلا بما شــاء الله لهم أن يعلموا.
وقولهُ : *( وَسِعَ كُرسِيُِّهُ السَّمَوَات ِ والأرضَ )* معناه لو وُضعت الـــسماوات الـسبع والأرضون الـسبع كلّ واحدة ٍ بإزاءِ الأخرى لكان الكرسيُّ أوسع منها . و أما العرش ُ فهو سريرٌ له أربع ُ قوائم , وهو أكبر جسم ٍ خلقه ُ الله تعالى وهو سقف ُ الجنة . والحكمة ُ من خَلق ِ العرش والكرسي ّ إظهار قدرة الله تعالى.
وقولُهُ تعالى : *( وَ لا يَؤُدُهُ حِفظًهُمَا )* معناهُ لا يُتعِبُ الله حِفظ ُ السماوات والأرض والكرسيّ , لأن التعبَ من صفات ِ الخلق وهو صفة من يعمل بالجارحة . قال تعالى : *( ولقد خلقنا السماوات والأرضَ وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب )* واللُّغوب هو التعبُ .
وقوله تعالى : *( وَهُوَ العَلِىُّ العَظِيمُ )* معناه أن الله أعلى من كلّ ِ شىء ٍ قدرًا وليس معناه علوّ الجهة والمكان , لأن الشأن ليس في علوّ ِ المكان والجهة ، فإن الملائكة الحافين حول العرش مكانهم في أعلى مكان والأنبياء والرسل مكانـهم في الأرض وهم أفضل عند الله من الملائكة وسائر الخلق . ثم الموصوف بالمكان والجهة لا يكون إلا مخلوقا ً ، والله تعالى كمالُه ُ أزليّ أبديّ لا يزدادُ ولا ينقص , وهو سبحانه لا يتشرف بشىءٍ من خلقِهِ .
و*( العظيم )* معناه أن الله أعظم من كل عظيم ٍ قدرًا لا حجما ً , فـإن الحجم من معاني الخلق . قال الإمام أبو جعفر ٍ الطحاوي :
(( ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر )) .
أكثروا من قراءة هذه الآية الكريمة.