بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم وأبارك على المبعوث رحمة للعالمين نبينا وقرة أعيننا محمد بن عبدالله النبي الأمي وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين وبعد:
فلقد شرف الله تعالى المخلوقات ببعثة النبي الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم الذي تربَّى ونشأ بعناية الله تعالى ورعايته وكان في جميع تقلباته وتنقلاته من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات, خيار من خيار, وهو من نكاح لا من سفاح, آباؤه سادات الناس وأجداده رؤوس القبائل, جمع المكابر كابراً عن كابر, فلن تجد في صفة عبد المطلب أجلَّ منه ولا في قرن هاشم أنبل منه في أتراب عبد مناف أكرم منه وهكذا حتى آدم عليه السلام, محفوظ في عين العناية الربانية كما قال تعالى مخصصاً له بهذه المنقبة (المنزلة) العالية " فـإنـك بـأعـيننـا "
نسب كأن عليه من شمس الضحى نوراً ومن فلق الصباح عموداً
فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لم يزل الله ينقلني من الأصلاب الطيبن إلى الأرحام الطاهرة, مصفىً مهذباً لا تنشعب شعبتان إلا كنت في خيرهما).
وعنه أيضاً أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (ما افترق الناس فرقتين إلا جعلني الله في خيرهما فأخرجني من بين أبوي فلم يصبني من عُهر الجاهلية وخرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن آدم حتى انتهيت إلى أبي وأمي فأنا خيركم نفساً وخيركم أباً).
فمن هذا نستدل على أن عمود نسب سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم من آدم إلى نوح إلى إبراهيم عليهم السلام إلى أبويه الشريفين كله طيب طاهر وأن جميع أجداده صلى الله عليه وآله وسلم كانوا أشراف العرب وسادتهم وهم أهل السخاء والكرم وتتحاكم قبائل العرب إليهم إذا اختلفوا فيما بينهم لا سيما عبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وآله وسلم صاحب المقام المهيب والشأن العجيب والرأي الصائب.
فإن عبد المطلب كان السقاية والرفادة (إطعام الحاج أيام الموسم) إليه بعد هاشم, وكان شريفاً مطاعاً ذا فضل في قومه, وكانت قريش تسميه الفيّاض لسخائه. (يخرج عن حاله كل موسم فيصنع به طعاماً للحاج يأكله من لم يكن معه زاد)
عمرو بن الحرث لما أحدث قومه جرهم بحرم الله
الحوادث خاف نزول العذاب بهم فعمد إلى أنفس الأموال فجعلها في زمزم وبالغ في طمها وفرَّ إلى اليمن بقومه فلم تزل زمزم في ذلك العهد مجهولة إلى أن رفعت الحجب برؤيا عبد المطلب.
ومن أهم ما وقع لعبد المطلب حفر بئر زمزم حيث أنه أُمِرَ في المنام بحفر زمزم ووُصِفَ له موضعها, فقام يحفر فوجد فيه الأشياء التي دفنها الجراهمة حين لجؤوا إلى الجلاء أي السيوف والدروع والغزالين من الذهب وحجر المقام فضرب الأسياف باباً للكعبة وضرب في الباب الغزالين فكان أول ذهب حلّيته الكعبة وأقام سقاية زمزم للحجاج, ولما بدت بئر زمزم نازعت قريش عبدالمطلب وقالوا له:
أشركنا أي إنها بئر أبينا اسماعيل وإن لنا فيها حقاً قال: ما أنا بفاعل, هذا أمرٌ خصصت به, فلم يتركوه حتى خرجوا به للمحاكمة إلى كاهنة بني سعد ولم يرجعوا حتى أراهم الله في الطريق مادلّهم على تخصيص عبد المطلب بزمزم وهي أنه ركب من كل قبيلة من قريش نفر حتى إذا كانوا بمفازة بين اليمن والحجاز والشام ظمئ عبد المطلب وأصحابه حتى أيقنوا بالهلكة فقالوا لعبد المطلب ما ترى؟ فمرنا بما شئت فإنا رأينا تبعاً لرأيك فأمرهم بحفر قبورهم ثم قعدوا ينتظرون الموت عطشاً ثم قال لهم عبد المطلب: إن إلقاءنا بأيدينا للموت عجز لنضربن في الأرض عسى الله أن يرزقنا ما ببعض البلاد وركب راحلته فلما انبعثت به انفجرت من تحت خفها عين ماء عذب فكبر عبد المطلب وأصحابه وشربوا واستقوا حتى مْلَئوا أسقيتهم ثم قالوا: قد والله قضى لك علينا يا عبد المطلب والله لا نخاصمك في زمزم أبداً إنَّ الذي أسقاك هذا الماء بهذه الغلاة لهو الذي أسقاك زمزم فارجع إلى سقايتك راشداً, ولم يصلوا إلى الكاهنة, ثم آذاه عدي بن نوفل وقال له: يا عبد المطلب أتستطيل علينا وأنت فذ ولا ولد لك؟ فقال: أبِ القلة تعيرونني لئن آتاني الله عشرة الولد ذكور لأنحرن أحدهم لله عند الكعبة.
وقد شاءت قدرة الله تعالى أن وُلِدَ لعبد المطلب عشرة بنين وخمس بنات ومن بينهم: أبو طالب وعبد الله وحمزة والحارث.
أما عبدالله والد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: فكان أحسن أولاد عبد المطلب وأعفَّهم وأحبَّهم إليه وهو الذبيح - وذلك أن عبد المطلب لّما تمَّ أبناؤه عشرة أخبرهم بنذره فأعطوه فكتب أسماءهم في القداح, فضرب القداح فخرج القدح على عبدالله, فأخذه عبد المطلب وأخذ الشفرة ثم أقبل به إلى الكعبة فمنعته قريش ولا سيما أخواله من بني مخزوم وأخوه أبو طالب, فقال عبد المطلب: فكيف أصنع بنذري؟ فأشاروا عليه أن يأتوا عرَّافة فيستأمرها فأتاها, فأمرت أن يضرب القداح على عبدالله وعلى عشراًَ من الإبل, فإن خرجت على عبدالله يزيد عشراً من الإبل حتى يرضي ربه, (وكان كلما يضرب القداح يقول: يا رب أنت الملك المحمود وأنك ربي الملك المحمود), فرجع فقرع بين عبدالله وبين عشراً ولا تقع القرعة إلا عليه إلى أن بلغت الإبل مئة فوقعت القرعة عليها, فنُحِرت عنه, ثم تركها عبد المطلب لا يرد منها إنساناً ولا سبعاًَ.
وكانت الديّة في قريش عشراً من الإبل فجرت بعد هذه الوقعة مئة من الإبل وأقرها الإسلام, فكان عبد المطلب أو من سنَّ ديّة النفس مائة من الإبل وأقرها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (أنا ابن الذبيحين) يعني إسماعيل وأباه عبدالله.
وقد اختار عبد المطلب لولده آمنة بنت وهب بن مناف وهي يومئذٍ تعد من أفضل أمرأة في قريش نسباً وموضعاً.وأبوها سيد بني زهرة نسباً وشرفاً, فبنى بها عبدالله في مكة وبعد قليل أرسله عبد المطلب إلى المدينة يمتار بها لهم تمراً فمات بها, وإن جميع ما خلفه عبدالله خمسة أجمال وقطعة غنم وجارية حبشية اسمها بركة وكنيتها أم أيمن وهي حاضنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهي أن أم أيمن كانت تربيه وتحفظه فغفلت عليه مرة وإذا بعبد المطلب قائم عند رأسها يا بركة أتدرين أين وجدت ابني.
وقد وردت أحاديث كثيرة تدل على أن عبد الطلب كان على التوحيد منها: ما روي أنه قال لأم أيمن: يا بركة لا تغفلي عن ابني محمداًَ فإني وجدته مع غلمان قريباً من الشجرة- وإنَّ علماء أهل الكتاب يقولون: (إنَّ ابني محمداً بني هذه الأمة) وأنا لا آمن عليه منهم.
- فلما سمع عبد المطلب هذه المقالة من أهل الكتاب أقرَّ بها ولم ينكر عليهم. وأخذت هذه البشارة من قلبه موضع القبول والتسليم وأثرت فيه ولذلك أوصى به بركة.
قال ابن اسحاق: كان يوضع لعبد المطلب فراش في ظلِّ الكعبة وكان لا يجلس عليه من بنيه أجد إجلالاً له, وكان صلى الله عليه وآله وسلم يأتي حتى يجلس عليه فتذهب أعمامه. أي أولاد عبد المطلب يؤخرونه, فيقول لهم عبد المطلب: اتركوا ابني ويمسح على ظهره بيده ويقول: إن لابني هذا شأناً وقد أوصى عبد المطلب ابنه أبا طالب بكفالة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فكا أبو طالب إذا أراد أن يطعم عياله يقول: (كما أنتم حتى يحضر ابني - فيأتي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيأكل معهم, فيفضل من طعامهم, وإذا كانت لبناً شرب صلى الله عليه وآله وسلم أولهم ثم يشربون فيُرْوَونَ كله من قعبٍ واحدٍ - أي إناء - وإن كان أحدهم لَيَشْرب قعباً وحده - فيقول أبو طالب: (إنك يا محمد لمبارك).
ولكن ذكرت لكم آنفاً قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات وهذا دليل على أن الأب والبنت وامرأته إلى آدم وحواء ليس فيهم كافر, لأنه لو كان أحدٌ منه كافر لا يوصف بأنه طاهر كما قيل.
وكان أبو طالب يحبه حباً شديداً لا يحب أولاده كذلك ولا ينا إلا إلى جنبه.
وكان عبد المطلب ممن حرَّم الخمر على نفسه في الجاهلية وينهى عنها, ومن المعلوم أن نهي عبد المطلب عن الخمرة يتوجه أولاً على أولاده تنشأ الأبناء على ما كان عليه الآباء.
فقد نشأ ابنه عبدالله الشريف على تلك المبادئ الفاضلة والخصال الكاملة, عين الرعاية تحافظه ويد الحفظ تعاونه, حفظه الله من الرعونة ومن كل خلق رديء ووصفٍ مقيت ومذهب سيء ولكنه كان من أهل الفترة التي لم تصلهم دعوة النبي.
وأهل الفترة: هم كل من كان بين رسولين ولم يكن الأول مرسلاً إليهم ولا أدركوا رسالة الثاني.
ووالد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان من هذه الفترة وقد ذهب كثير من محققي العلماء الأبويين الشريفيين هما من أهل التوحيد وماتا على ذلك ول يثبت بدليلٍ قطعي أنهما مشركان كما زعم البعض من ذلك نعوذ بالله ن ذلك, ولكن الله تعالى أراد أن يُشَرِّفَهُما بإيمانها برسالة ابنهما سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم فأحياهما له ليؤمنا به لِيُسِرَّهُما ويَسُرُّ بذلك حبيبه الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم.
فقد جاء ذلك في الحديث أنه صلى الله عليه وآله وسلم سأل ربه أن يحيي له أبويه فأحياهما فآمنا به ثم أماتهما.
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صى الله عليه وآله وسلم نزل الحجون (موضع مكة) كئيباً حزيناً فأقام به ما شاء الله عز وجل ثم رجع مسروراً, فسألته عائشة عن ذلك, فقال صلى الله عليه وآله وسلم, سألت ربي إحياء أمي فأحياها لي فآمنت بي ثم ردَّها, والله تعالى قادر على كل شيء وليس يُعجز رحمته وقدرته شيء ونبيه صلى الله عليه وآله وسلم أهلٌ أن يختصه الله تعالى بما شاء من فضله وينعم عليه بما شاء من كرامته وليس بمستغرب أن يحيي له أبواه ليسرهما ويسر حبيبه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم.
أما عن قولنا أن الأبوان الشريفان من أهل الفترة: فإن أهل الفترة ناجون ولا يعذبون لأنهم لم تبلغهم الدعوة ولم تقم عليهم الحجة قال تعالى: " وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً " هذا عام في عذاب الدنيا و عذاب الآخرة. فلا يُهلك قوماً في الدنيا ولا يعذبهم في الآخرة إلا بعد إرسال رسول فيهم وإقامة الحجة عليهم.
والفقهاء إذا تكلموا في الفترة فإنهم يعنون بها الفترة التي بين عيسى عليه السلام وبين النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذكر البخاري عن سلمان أنها كانت /600/ سنة قال تعالى " يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ماجاءنا من بشير ولانذير فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شيء قدير ".
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الهالك في الفترة يقول: ربي لم يأتيني كتاب ولا رسول ثم قرأ
" لولا أرسلتَ إلينا رسولاً فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين ".
وقد جرى هذا المسلك في والدي رسول اله صلى الله عليه وآله وسلم فقد صرَّح العلماء أنهما لم تبلغهما الدعوة.
وورد أنه سُئِلَ شيخ الإسلام شرف الدين المناوي عن والد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هل هو في النار؟ فزبر السائل زبأرة شديدة (أي زجره وانتهزه بشدة) فقال السائل: هل ثبت إسلامه؟ فقال: إنه مات في الفترة ولا تعذيب قبل البعثة والله تعالى يقول " وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً "
قال: والدعوة لم تبلغ أباه وأمه فماذنبهما؟!.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يبعث جدي عبد المطلب في زي الملوك وأبهة الأشراف.
وسئل القاضي أبو بكر بن العربي- أحد الأئمة المالكية - عن رجل قال: إن أبا النبي صلى الله عليه وآله وسلم في النار فأجاب: بأنه ملعون لقوله تعالى " إنَّ الذين يؤذونَ اللهَ ورسولَهُ لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعدَّ لهم عذاباً مهيناً ". قال: ولا أذىً أعظم من أن يقال: أبوه في النار.
وروي أن عمر بن عبد العزيز سمع رجلاً من كتَّاب دواوينه يقول: كان أبو النبي صلى الله عليه وآله وسلم مشركاً فقال عمر بن عبد العزيز: آه ثم سكت ثم رفع رأسه ثم قال: أأقطع لسانه؟ أأقطع يده ورجله؟ أأضرب عنقه؟ ثم قال عمر بن عبد العزيز للرجل القائل ذلك: لا تتول لي أمراً من الأمور فأعرض عنه وعزله من جميع الوظائف.
فالأبوان الشريفان لم تبلغهما دعوة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولذلك لبعد العهد بالرسل السابقين فإن آخر الرسل قبل بعثة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو سيدنا عيسى عليه السلام والفترة بينهما نحو ستمائة سنة ثم إنهما كان في زمن جاهلية وتوفي الذين يعرفون الشرائع إلا نفراً يسيراً من أحبار أهل الكتاب, ولم يعهد تقلب الأبوين الشريفين في البلاد والأسفار ولا عمّر والده صلى الله عليه وآله وسلم عمرأ طويلاً فقد توفي وهو شاب ما بلغ العشرين ووالدته صلى الله عليه وآلأه وسلم توفيت هي في حدود العشرين تقريباً ولهذا العمر لا يتسع للفحص عن المطلوب لا سيما والمرأة مصونة في بيتها عن الاجتماع بالرجال.
وقد جاء في أبيات للسيدة آمنة رضي الله عنها قبيل وفاتها مخاطبة لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهي في علتها التي ماتت فيها تُثبت إيمانها بابنها وأنها على الحنيفة دين إبراهيم الخليل عليه السلام.
بارك الله فيك من غلام نجا بعون الملك العلام
إن صح ما أبصرت في المنام فأنت مبعوث إلى الأنام
تبعث في الحل والحرام تبعث في التحقيق والإسلام
يقصد بالشطر الثاني (النور التي رأته خرج منها في المنام ثم في اليقظة حين الولادة)
ثم قالت: كل حي ميت وكل جديد بالٍ وكل كبير يفنى وأنا ميتة وقد تركت خيراً وولدتُ طُهراً إذن الأبوان الشريفان ما كانا من أهل الفساد في البلاد ومن توفي ولم يبلغ العشرين أنّى له أن يظلم! أو يدعو إلى الضلالة! فكل أجداده صلى الله عليه وآله وسلم هم على التوحيد وهم خير أهل الأرض كلٍ في زمانه قال رسول الله صلى الله عليه وآلأه وسلم (إنَّ الله اصطفى كنانةً من ولد اسماعيل واصطفى قريشاً من كنانه واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم. الوصلة إذا بكّرت بأنثى ثم ثنت بأنثى
أمَّا من كان من هذه الفترة ولكنه غيَّر وبدَّل وشرّع لنفسه ولقومه فحلل وحرَّم فهؤلاء هم الذين طغوا وبغوا واستطار شرهم على العباد وهم العذبون الناقة تشق أذنها إذا ولدت خمسة أبطن آخرها ذكر
كأمثال عمر بن لحيّ فإنه أول من سنَّ للعرب عبادة الأصنام وبحر البحيرة وسيَّب السائلة وتبعته في ذلك القبائل.
فالحذر كل الحذر من ذكر النسب الشريف بما فيه نقص فإنه ذلك يؤذي النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (لا تسبوا الأموات فتؤذوا الأحياء).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاءت سبيعة بنت أبي لهب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: يا رسول الله: إنَّ الناس يقولون أنتِ بنتُ حطب النار فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسل وهو غضب فقال: ما بال أقوامٍ يؤذونني في قرابتي ومن آذاني فقد آذى الله.
قال تعالى " قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى " أي لا أطلب منكم أجراً
وإن نسب الإنسان يشمل الأصل وما علا والفرع وما نزل أي الأب والجد وما علاهم والابن وابن الابن وما نزل... فإن كذلك أهل بيته صلى الله عليه وآله وسل من حملة ذاك النسب وإن الله تعالى قد أصفى محمداً صلى الله عليه وآله وسلم على جميع من سواه, واصطفى أهل بيته وقرابته على جميع الناس. وألزم محبته وومودة بيته كيف لا وهم بصفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهم أهل الفضل.
وعن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (النجوم أمان لأهل السماء, وأهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض).
ولما كان إيذاء أحد من نسب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو رمقه بنقص كل ذلك يؤذي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وذها لا يجوز فكذلك ورًّث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذين ورثوا النور المحمدي وحملوا النسب الروحي وعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: إلا إن مثل أهل بيتي فيك ثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق فلا يجوز أن نرميهم في نقص أو نتكلم بكلام لا يليق بهم فإنَّ الوارث نوّاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحملة عرشه وخدامه فمن استهان بهم تعدى ذلك إلا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فعلينا أن نبجل العلماء والصالحين والأكابر ونقوم بواجب حقوقهم ومم أخلَّ بذلك فقد خان الله ورسوله.
روى الطبراني مرفوعاً: ثلاثة لا يستخف بهم إلا منافق ذو الشيبة في الإسلام - وذو العلم - والإمام المقسط.
وكان الإمام النووي رضي الله عنه إذا خرج لدرس ليقرأ على شيخه يتصدق عنه في الطريق بما تيسر ويقول: اللهم استر عني عيب معلمي حتى لا تقع عيني له على نقيصة. ولا يُبكّغُني ذلك عنه أحد رضي الله عنه. فعلم ذلك أن ك لمن أقام الميزان بغير حق على العلماء والأكابر حُرم النفع بهم وعصى الله ورسوله. فإنَّ من أساء الأدب مع الشيخ يحرم فوائده فأمَّا بكتمها عنه وإمّا أن لسانه ينعقد على إيضاح المعاني له, فلا نتحصل من كلامه على شيء نعتمد عليه, عقوبة لنا.
يتبع