أيها الأخوة الكرام, الخُلق اليوم خُلق الإيثار، وفي اللغة إيثار وأثر، أن تخص نفسك بشيء ولا تعبأ بمن حولك فهذه أثر، وهي صفة الشاردين عن الله عز وجل، البعيدين عنه، وأن تؤثر أخاك بشيء أنت بحاجة إليه هذه مؤاثرة.
فالمؤمنون من أخلاقهم المؤاثرة، وغير المؤمنين من أخلاقهم الأثر، الإيثار تقديم الغير على النفس في حظوظ الدنيا رغبة في حظوظ الآخرة، لمجرد أن تؤمن إيماناً يقينياً بالدار الآخرة، وبأن فيها جنة، فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر, فإنك مؤمن بالآخرة، ولأنك تسعى لها، ولأنك تقدم أسباب بلوغها, تؤثر أخاك على نفسك، ولأن الطرف الآخر كافر بالجنة, لا يعلم بها, لا يعلم إلا الدنيا، لا يعرف إلا الدنيا، لذلك الأولى أن يأخذ ما له، وأن يبني مجده على أنقاض الآخرين، فدائماً وأبداً من صفة المؤمن الإيثار، ومن صفة غير المؤمن الأثر، المؤمن يؤثر من حوله على نفسه، وغير المؤمن يؤثر نفسه على من حوله، المؤمن يبني حياته على العطاء، وغير المؤمن يبني حياته على الأخذ.
درجات الإيثار :
1- أن تؤثر الخلق على نفسك:
الحقيقة: للإيثار درجات؛ الدرجة الأولى: أن تؤثر الخلق على نفسك فيما لا يخرب عليك ديناً، ولا يقطع عليك طريقاً:
تؤثر الآخرين على نفسك وأنت وفق منهج الله, من دون أن تضحي بدينك، ولا أن تضحي بسلامتك، هذه مرتبة.
2-أن تؤثر رضاء الله على رضاء من حولك:
الدرجة الثانية: أن تؤثر رضاء الله على رضاء من حولك:
وهذا مكلف جداً، قد يستدعي أن تفقد مالك أو مكانتك، هذه أخلاق الأنبياء والمرسلين وأولي العزم وسيد المرسلين، ويأتي من بعدهم المؤمنون بقدر إخلاصهم، وعظم إيمانهم، لكنه جرت العادة أنه من أرضى الله بسخط الناس, رضي الله عنه، وأرضى عنه الناس، ومن أسخط الله برضى الناس, سخط الله عليه، وأسخط عليه الناس.
لا مؤاثرة في الخير والخير كله في المؤاثرة :
 الخير كله في المؤاثرة
لكن النقطة الدقيقة: أنه لا إيثار في الخير، والخير كله في المؤاثرة.
مستحيل أن أضحي بفريضة أو بطاعة أو بسبب قرب من الله عز وجل بسبب أخي, هذا من عمل الشيطان، لا أحج، والحج فريضة، لكن سأدفع هذا المبلغ لأخ لي، لعله ينتفع به.
حينما أؤثر أخي على طاعة لله، أو على أداء فريضة فهذا ليس مؤاثرة، ولكنه حمق، وبعد عن الله عز وجل، هذا الكلام جمع في هذه المقولة: 
 لامؤاثرة بالتخلي عن الصف الأول في الصلاة
لا مؤاثرة في الخير، والخير كله في المؤاثرة.
أنا لا أزور أمي، ولا أقضي لها حاجاتها كي أفسح المجال لأخي ليقوم بذلك، وأخي أيضاً آثرني، فالأم بقيت من دون خدمة، ومن دون بر، أن تؤثر أخاك بطاعة أو بقرب أو بعمل صالح, هذا مرفوض في الدين، أنا أؤثر أخي بدنياي، وأضحي بدنياي من أجله, رغبة فيما عند الله، أما حينما أزهد بما عند الله من أجل أخي، فأنا لست فقيهاً، ولا أعرف من المؤاثرة شيئاً.
ملخص الكلام: لا مؤاثرة في الخير، والخير كله في المؤاثرة.
أنا في الصف الأول، وفي الصف الأول ثواب أكبر، أرجع إلى الوراء لأقدم أحدًا مكاني، لا، بالجامع لا يوجد مراتب دنيوية، الجامع لمن سبق، أنا في الصف الأول، ولا أسمح لغيري أن يأخذ هذا المكان.
طفل كان لجانب النبي، وزعت ضيافة, فقال لهذا الطفل الذي عن يمينه، ومن حق هذا الطفل أن يأخذ الضيافة بعد, النبي قال له: يا غلام أتؤثر الأشياخ؟ قال: لا، والله لا أؤثر مكاني منك لأحد، والنبي أثنى عليه.
في الطاعات لا يوجد مؤاثرة، يجب أن تكون في الصف الأول, يجب أن تؤدي الأعمال الصالحة، ولا تؤثر أخاك بعمل صالح يكون قربة إليك إلى الله عز وجل.